من البطن ، فحينئذ يمكن أن يتسع اتساعا عظيما حتى يساوي غلظه غلظ المعدة ، ووجود الصمامات العظيمة الكاذبة المنتشرة في باطنه والأوعية الكيلوسية الناشئة منه ، وانصباب السائل الصفراوي ، والسائل البانكرياسي فيه من القناتين المختصتين بهما المنفتحتين في باطنه كل ذلك مما يجعله عضوا مهما جدا في حصول وظيفة الهضم ، ففيه ينفصل جزء عظيم من الأجزاء الغذائية عن الأجزاء الثفلية ، وفيه أيضا يكثر امتصاص الأجزاء المغذية الحاصلة من الهضم.
«المبحث الخامس في الصفراء وكيفية انفرازها»
قد شبه الأقدمون الصفراء بصابون حيواني من حيث إن من خواصها أنها تخلط المواد الغذائية ببعضها خلطا تاما بحيث تتحد أجزاؤها المائية بالأجزاء الشحمية أو الزيتية ، فهي سائل كثير التركيب فيقال : هو مائي زلالي زيتي قلوي مالح في آن واحد أي يحتوي على ماء وزلال كثير ، وهذا هو السبب في لزوجته ، وعلى زيت محتوي على أصل مر ، وعلى صود أي قلي ، وعلى أنواع من الأملاح الكلس والنوشادر وعلى نوع من الأجسام السكرية لكونه شبه سكر اللبن ، وهو غزير في صفراء البقر ، وقليل في صفراء البشر ، ثم إن إفراز الصفراء جعله تعالى أمرا عجيبا جدا يخالف بقية الإفرازات بسبب أن موادها آتية من الدم الوريدي ، وبيان لك أن الأوردة الآتية بالدم من الطحال والبانكرياسي والمعدة والقناة المعوية تجتمع مع بعضها فيتكون منها جدع غليظ عظيم يصعد نحو الوجه المقعر للكبد ، وينقسم إلى فرعين يستقران في ثلم غائر في جوهر هذا الحشا ، ثم يتفرعان منه لا كتفرع الأوردة فيرسلان للكبد تفريعات عظيمة تتوزع فيه كالشرايين ، وتصير أوعية دافعة للدم بعد أن كانت جاذبة له قبل وصولها إلى الكبد فتدفعه إليه ، وتنتهي في جهة من الكبد متصلة بالقنوات الصفراوية التي تجتمع مع بعضها فتكون القناة الكبدية وفي جهة أخرى منه مكونة للأوردة الكبدية الموضوعة بالخصوص على الوجه المحدب للكبد التي توصل إلى الوريد الأجوف الدم الذي لم ينفع في تكوين الصفراء ، وكذلك الدم الآتي من الشريان الكبدي الذي لم ينفع لتغذية الكبد ، ثم إن إفراز الصفراء دائم الحصول ، ولا يتضاعف إلا وقت الهضم ، لكن ليست هذه الكمية المتضاعفة هي الآتية للاثنى عشري فقط ، بل ينصب إليه في مدة الهضم بواسطة القناة المرارية والصفراوية زيادة عن الكمية المتقدمة كمية كانت مستودعة في الحوصلة المرارية فإن قيل : كيف إن الصفراء في غير مدة الهضم بدل أن تتبع سيرها الطبيعي في القناة الكبدية أو الصفراوية التي تذهب هي منها إلى الاثنى عشري تصعد مع ثقلها إلى الحوصلة المرارية ، وزعم بعض الأطباء أن في الإنسان قناة كبدية مرارية ترسل الصفراء باستقامة من الكبد إلى الحوصلة المرارية باطل لا أصل له فإنها لا