قبل دخول الأطعمة ، وثانيا تتشرب العصارات النافعة من سطحها الباطن بعد دخول الأطعمة فيها ، وأخيرا يحصل لها تموج بواسطة الحركتين الانقباضيتين الاستدارتين وبواسطة ارتجاج الأعضاء المجاورة لها ، ويزداد على هذا تأثرها من الحرارة المعدية التي في اثنتين وثلاثين درجة فإن ثوران الحياة في المعدة في هذا الوقت أكثر ، فباجتماع هذه المؤثرات المختلفة وبعض أسباب نجهلها أيضا يشاهد بعد مدة طويلة أو قصيرة أن الأطعمة متغيرة ، ومستحيلة إلى جوهر متجانس سويقي شنجاني ذي سيولة لزجة ، وطعم مر خفيف الحموضة يسمى كيموسا ، ثم إن الذي يغير الأطعمة أولا هو الجزء الطحالي للمعدة ، ثم جسمها ، ثم جزؤها البوابي ، وهو الذي يمتلئ حقيقة ب «الكيوس» بخلاف القسمين الأولين فلا يوجد فيها إلا عجينة غذائية غير تامة الهضم ، فيكون لهذه الاستحالات الثلاث الناشئة عن المعدة شبه قليل بالاستحالات الثلاث الحاصلة في الأطعمة من الحيوانات المجترة. ولنذكر أن أعضاء الهضم لا تكون في جميع الحيوانات على نسق واحد فإن الحيوانات التي تتغذى بالحبوب لها كيس غشائي يسمى بالحوصلة ، وهو بمنزلة معدة أولى تمر فيه الحبوب أولا فتلين بواسطة التعطين ، وتتجهز لمرورها في القونصة التي هي من تلك الحيوانات بمنزلة معدة ثانية ، وهي متكونة من غشاء عضلي قوي جدا ممتلئ بحصيات صغيرة ، وظيفتها سحق الأطعمة فهي في هذه الحيوانات كالجهاز المضغي في غيرها ، وهذا يؤيد قول من قال : إن الهضم لا يحصل إلا بواسطة السحق ، وأما الحيوانات المجترة فإن الأطعمة فيها إذا لم تنطحن بالكلية تمر من المريء إلى كيس غشائي واسع جدا يسمى بالكرش ، وهو أول المعدات الأربع الموجودة في هذه الحيوانات وأوسعها فيحصل للأطعمة فيه تعطين ، وابتداء تخمير وحموضة ثم تنتقل منه بلعة بلعة إلى المعدة الثانية المسماة بالقلنسوة ، وهي من الأولى لكنها أكثر منها عضلية وهذه تلتف على بعضها ، وتفرز مادة مخاطية تختلط بالأطعمة التي حصلت لها من المعدة الأولى ، ثم تكون بلعة تصعد من المريء إلى الفم فيمضغها الحيوان ثانيا ، ثم يردها بواسطة المريء إلى المعدة الثالثة المسماة بأم التلافيف لما فيها من الثنيات الكثيرة ، ثم تنتقل منها إلى المنفحة التي هي المعدة الرابعة ، وفيها يتم الهضم المعدي ، ثم إن الأطباء منهم من قال : إن الهضم لا يحصل إلا بواسطة السحق ، ورد بأن القوة الاهتزازية لا يمكنها أن تحيله إلى «كيموس» فإن التكميس لا يحصل إلا بالسحق الذي هو تجرئة المادة الغذائية فقط بل بواسطة التغير الذي يوجد في طبيعة الأطعمة أيضا ، ومنهم من قال : إن الهضم تحصل فيه حوادث كالحوادث الكيماوية التي تحصل في التخمر ، ورد أيضا بأنه ينبغي لحصول التخمر سكون ، وقد قلنا : إن الأطعمة دائما مضطربة بواسطة الحركتين الانقباضيتين المتقدم ذكرهما وبأن التخمر الكيماوي يستدعي خلوا ، والمعدة ليس فيها محل خال ، وبأن التخمر يستدعي أن يتصاعد