البلعات في المعدة يكون بفم المعدة وبتواردها عليها على التوالي ، وبانعصار المريء الذي لا تتمكن الأطعمة بسببه من النفوذ إلى أعلى ، ثم إن هذا الانعصار يكون عند الشهيق أشد ، فيكون انضباط الأطعمة فيه أكثر ، وكلما دخلت أطعمة في المعدة تمددت المعدة بحسب كمية تلك الأطعمة ، وبحسب الاعتياد على كثرة مرات الأكل وقلتها ، فتبعد صفحتها الغشاء الظاهر ، فتصير المعدة بينهما ، ويزول انكماش الغشاء الباطن ، لكن تمدد المعدة إنما يكون بالأكثر في جسمها أي طرفها الأيسر ، وثنيات الغشاء الباطن في هذا المحل تكون أكثر عددا ، ومع ذلك فلا تزال المعدة حافظة لشكلها المخروطي غاية ما فيه أن طرفها العلوي يكون أكثر بروزا في المرق الأيسر ، وتقوسها العظيم ينزل تحت السرة ، وكلها تنزل إلى أسفل نحو البطن إلا البواب فلا يتغير محله لكونه مثبتا بثنية من البريتون ، والضغط الحاصل من هذا العضو أي المعدة يتسبب عنه سيلان الصفراء المنحصرة في الحوصلة المرارية ، والبول المنحصر في المثانة ، ويدفع الحجاب الحاجز إلى أعلى فيصير التنفس مشرفا سريعا ومتى تجمعت الأطعمة في المعدة زال الضعف العام وقويت قوة العقل ، ومن هنا يعلم أن فائدة المعدة ليست قاصرة على إحالة الأطعمة فقط ، بل بها نفع في جميع الأعضاء بواسطة المشاركة ، لكن لا تحصل هذه النتيجة إذا تناول الشخص كمية عظيمة من الأطعمة ، أو كانت قوته غير كافية لتتم هضم جيد فإن القوى الحيوية في حال الامتلاء تتجمع نحو العضو المشتغل بالهضم فتذبل وظائف بقية أعضاء الجسم ، وتنتشر في الجلد قشعريرة إما لكونه إذا ضعف مع بقية الأعضاء تأثر من درجة الحرارة الظاهرة ؛ إذ لا يمكنه أن يقاومها ، إما لكونه التنبه لما حصل في المعدة ذهب إلى الجلد ، فغير جميع دائرئه ، فتكون إزالة تجمع القوى الحيوية بواسطة تأثير ظاهري أو باطني كحمام أو دواء أو نحوهما خطرة ، ومتى تجمعت الأطعمة في المعدة ثقلت ولا مست الغشاء الباطن بدون واسطة وزاد احتقان أوعيته ، فتكثر الإفرازات التي هي مجلس لها فإنه يشاهد حقيقة أن جدران هذا الغشاء من الباطن تنضح عصارات غزيرة تختلط بالأطعمة ، ويمكن أن لتلك العصارات تأثيرا عظيما فيما تكابده هذه الأطعمة من الاستحالات ، ثم بعد ساعة أو أكثر أو أقل تشاهد أن جزء المعدة البوّابي يأخذ في الضيق ، ويدفع الأطعمة المنحصرة في المعدة إلى جزئها الطحالي ، ثم ينبسط لينقض ثانيا ، وهكذا بدون انقطاع وهاتان الحركتان تحصلان أيضا في جميع أجزاء المعدة ، وتسميان بالحركتين الانقباضيتين الاستداريتين ، وبواسطتها تتغير الأطعمة عن حالتها الأصلية فتختلط عجينتها الغذائية مدّة طويلة بالعصارة المعدية فتتجزأ وتستحيل إلى «كيموس» وهاتان الحركتان ناشئتان ، ولا بدّ من الغشاء المعدي العضلي بدون إرادة فتكونان كضربات القلب ، وانقباضات الأمعاء والمثانة ، والرحم وغيرها ، وبالجملة فالأطعمة مدة مكثها في المعدة تختلط أولا بالعصارات المنفرزة