تعالى وإرادته ، ثم لما أشار إلى دلائل الأنفس والآفاق ذكر ما هو من صفات الأنفس بالاختلاف الذي بين ألوان الإنسان فإن كل واحد منهم مع كثرة عددهم ، وصغر حجم خدودهم وقدودهم لا يشتبه بغيره ، والسماوات مع كبرها وقلة عددها مشتبهة في اللون ، ومختلفة في الكبر والصغر ، والثاني اختلاف كلامهم وألسنتهم فإن كل واحد من طائفة إذا تكلم بلغته وسمعه واحد منهم يعرف أحدهما من الآخر حتى أن من يكون محجوبا عنهما لا يبصرهما يقول هذا صوت فلان وهذا صوت فلان وفيه حكمة بالغة ذلك لأن الإنسان يحتاج إلى التمييز بين الأشخاص ؛ ليعرفوا صاحب الحق من غيره ، والعدو من الصديق ليتحر قبل وصول العدو إليه ، وليقبل على الصديق ، قبل أن يقوته الإقبال عليه ، وذلك قد يكون بالبصر فخلق اختلاف الصور وقد يكون بالسمع فخلق اختلاف الأصوات وأما اللمس والشم والذوق فلا تفيد فائدة إلا في الكلام فقط وقال بعض المفسرين المراد أيضا اختلاف اللغة كالعربية التي أخذ منها الترك والفرس كثيرا من الكلمات وهو منتشر في الجزء الجنوبي الغربي من بلاد آسيا وفي بلاد إفريقيا الشمالية وهو يتفرع عنه فروع كثيرة كما أنه هو يتفرع عن غيره من اللغات المشرقية القديمة كالعبراني والسرياني ولسان الصوريين ولسان قدماء العراق واللسان الرومي كان منتشرا في سابق الزمان في جزء عظيم من بلاد أوروبا وآسيا وإفريقيا وأصل انتشاره في مبدأ الأمر من هجيج اليونان النازلين بالبلاد العربية للاستيطان بها ثم بعد ذلك انتشر اليونان ثم بعد ذلك اتسع وصار مثل لسان اليونان في العظم بفتوحات الرومانيين للبلاد ومن اللاطيني وغيره من الألسن القديمة المعروفة تولد لسان الفرنساوي والطلياني والبرتغالي والأندلسي ومن اللسان الفوتيكي المسمى أيضا باللسان التودسكي الذي هو لغة قديمة تولد لسان النيمسا والفلمنك والإنكليز والدانيمارقا ومن لسان الصقالبة تولد لسان الموسفوف وأما لغة الصينيين وأهل يابونيا فهاتان اللغتان من ذوات المقطع ومع أن هاتين مختلفتان في الكلام فهما متحدتان في الحروف وهناك لسان آخر يقال له لسان الوايفور ومنه استخرج الترك لسانهم ولغة أهل التبت والتتار المنجو ولسان الملياريين انتشرت في كل جزائر البحر المحيط وبالجزائر المشرقية من بلاد إفريقيا وأما لغات سودان إفريقيا فإنها معروفة قليلا ولا يمكن حصرها ولكن يوجد بينها اشتراك وقد حققوا أن لسان بلاد اسبانيا مشحون بكثير من الكلمات العربية وأما لغات هنود الأمريقا أي أهلها الأصليين فإنها لم تكمل معرفتها كلغات سودان إفريقيا وإنما نذكر منها لغتين وهما لغة كيتو ولغة نموران فالأولى وضعها قبائل الأنقا وهذه اللغة مستعملة الآن حتى بين الاسبنيول وفي بلاد غرناطة وفي بلاد كيتو وبلاد برو واللغة الثانية هي أيضا منتشرة في بلاد ابرذيل وفي بلاد براغا وفي عدة من مدن هذه البلاد والله سبحانه وتعالى أعلم.