يمكن أن يتسبب عنها بثرات في جلد الجمجمة واستعداد للاحتقانات المخية ، والله تعالى الشافي.
«المبحث الرابع في الكلام على الأحلام» :
الأحلام في العادة تدور على الأشياء الشاغلة للفكر بالأكثر الملائمة للبنية ، فإذا تعب جزء من المخ أكثر من بقية أجزائه ، وارتاح بالنوم كان فيه ميل للفعل ، فتقع الأحلام ، وأكثر أجزاء المخ تنبها هو الذي تنشأ منه الأحلام ، وهذا التنبه حاصل إما من بعض أشياء تشغل الفكر في اليقظة ، ويبقى أثرها في المخ أو من تنبه عضو كالمعدة الممتلئة امتلاء زائدا من الأغذية وغيرها فإن المخ في مصل هذه الأحوال لا يرتاح بالنوم الكامل ، فتحصل الأحلام وإذا لوجه المخ في حالة النوم أفعالا لبعض الأعضاء وجد من ذلك ما يسمى فعل النائمين ، وهو أن يفعل النائم ما يفعله اليقظان من المشي والتكلم ، والأخذ والإعطاء ، وغير ذلك ، وكل من الأحلام ، وأفعال النائمين مشوش للنوم ، فهو قليل الإصلاح للصحة ، والنوم كلما كان أكمل كان أكثر إصلاحا للصحة ، والله تعالى أعلم.
«المقالة الخامسة والعشرون»
في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) [الحجرات : الآية ١٣].
اعلم أننا قدمنا في تفسير قوله تعالى : (وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها) (٧) [الشّمس : الآية ٧]. الكلام في التولعات في النوع الأول ، وهنا نقول : تبيينا وتقريرا له أن الناس بعمومهم كفار كانوا أو مؤمنين يشتركون فيما يفتخر به المفتخر غير الإيمان والكفر والافتخار إن كان بسبب الغنى ، فالكافر قد يكون غنيا والمؤمن فقير وبالعكس وإن كان بسبب النسب ، فالكافر قد يكون نسبيا والمؤمن عبد أسود وبالعكس ، فالناس فيما ليس من الدين والتقوى متساويين متقاربون ولا شيء من ذلك يؤثر مع عدم التقوى ، فإن كل من يتدين بدين يعرف أن من يوافقه في دينه أشرف ممن يخالفه فيه ، وإن كان أرفع نسبا أو أكثر نسبا فكيف من له الدين الحق ، وهو في دينه راسخ وكيف يرجح عليه من دونه فيه بسبب غير فقوله : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى) [الحجرات : الآية ١٣]. فيه وجهان : (أحدهما) : من آدم وحواء. (وثانيهما) : كل واحد منكم أيها الموجودون وقت النداء خلقناه من أب وأم فإن قلنا إن المراد هو الأول فذلك إشارة إلى أنه لا ينبغي أن يتفاخر البعض على البعض لكونهم أبناء رجل واحد