الصباح ، وهذه الحركة التي تزيد في السرعة تدريجيا ربما وصلت على حالة تضر بالصحة إذا لم يلطف النوم في كل يوم قوة هذا الفعل فإن الحمى تنشأ عن الأرق الطويل ، والأمراض الحادة يحصل لها الاشتداد في المساء ، والنوم هو المريح لأعضاء الحواس وأعضاء الحركات الإرادية وفي مدة النوم يستمر فعل الوظائف التمثيلية إلا أن بعضها يزيد في السرعة كالامتصاص والتغذية ، وباقيها يصير بطيئا ، وأعضاء الحواس متى تنبهت تنبيها مستمر منعت النوم ، وإذا أزيلت عنها الأسباب المنبهة حصل النوم ، ولذلك كانت زيادة لذة في وقت الهدوّ وظلام الليل ، ونوم هذه الأعضاء أعني أعضاء الحواس يكون على التوالي ، فأول ما تكمن وظيفة البصر ثم الذوق ثم الشم ، ويبقى كل من السمع واللمس متيقظا بعض تيقظ يوصل بعض إحساسات ، ثم تتناقص الإدراكات الغير المنتظمة شيئا فشيئا حتى تزول بالكلية ، ثم يبطل فعل الإحساسات الباطنة ، وكذلك العضلات المنوطة بالحركات الإرادية ، ومع هذا فمن النادر أن يتمتع الشخص بكمال هذه الراحة ؛ لأنه يندر أن يستيقظ وهو على الوضع الذي نام عليه ، وهذا يقال فيه : إنه لما تنبه من إحساسات خفية حصلت له حركات مختلفة ممائلة لحركات الجنين في رحم أمه ، وكثيرا ما تتم في حال الحلم أفعال جميلة من الوظائف الذهنية ، ويتم معها حركات إرادية وهنا بحثان :
«البحث الأول في نتائج النوم على الجسم» :
اعلم أن النوم يجدد في كل من أعضاء الحس والفكر والحركة الحس الذي أفناه منها السهر ، ويزيل تعبها ، ويسعف صحتها ، ويرد لها جميع قوتها ، ونتائجه على وظائف الحياة الغذائية ، أن يرخيها فيكون فيه الهضم والدورة والتنفس أبطأ منها زمن اليقظة ، وثقل الحرارة والإفرازات الباطنة وفعل القوة المشبهة أيضا ، وبالجملة فالنوم يحصل منه نوع استراحة في جميع الجسم ، فإذا منع الشخص النوم المحتاج له أحس بتعب وعدم استراحة وبألم وغير ذلك ، وإذا حصل منبهات مضادة للنوم خارجية أو بدنية اكتسبت أعضاء المخالطة تنبها يصل إلى الأعضاء الباطنة ، ويوضح سبب عدم الحاجة للنون حيث مضى وقته ولم يتم فيه ، فإن لم يكن هذا التنبه بالنوم اتقى إلى درجة المرض والتهبت الأعضاء ، وإذا لم يطل زمن النوم بقدر الكفاية لم يحصل منه الإصلاح الكامل للبدن بل يبقى في الأعضاء حالة قابلية التهيج ، ويتسبب عن ذلك ضعف الأعضاء قبل وقته ولا شيء يعجل الشيخوخة قبل وقتها مثل عدم النوم بالكفاية فإن طال زمنه زيادة على قدر الحاجة حصل من ذلك نتيجته مثل نتيجة عدم الرياضة ، فيكون الفكر بطيئا ، والمخ قليل الحس ، والعضلات أقل استعداد للحركة ، ووظائف المخالطة كالتي فيها خدر والنوم ضروري بعد الحركات المخية أكثر منه بعد