بحيث يبلغ حالة يتشوش فيها ترتيب الجسم ، ويكون منه ألم وجد وتولع ، فعلى هذا يكون التعلق والمحبة والاشتياق استشعارات نفسية ، وللعشق والطمع تولعات ، وحينئذ فنبحث عن تأثير الاستشعارات النفسية ، وعن تأثير التولع معتبرين (أولا) : نوع الاضطراب من كونه كفرا أو سرورا أو غما.
(ثانيا) : قوة هذا الاضطراب. (ثالثا) : مدة إقامته. (رابعا) : حصول بعض هذه التولعات عقب بعض ، أما الأول أعني تأثير التولعات باعتبار نوع الاضطراب الذي تتألف منه ، فمعلوم أن ميل النفس والتولعات تنقسم إلى كفرية جنسية ، وإلى مفرحة محظة ، وإلى محزنة متعبة ، فالتولعات الجنسية الملحقة بالكفر يصير الجهاز الآلي مصاباتها ، والمخ هو عضو لهذه الظواهر أيضا ، ولكون الاستشعارات النفسية كالقوى العقلية قابلة للنمو وللتسلطن على بقية القوى لا يكون إتقانها وتنميتها إلا بالتربية والتدريب فمن ذلك تميل الأشخاص من ولادتهم على سن الشيخوخة بهذا التولع الجنسي ، ويتمكن ذلك الميل فيهم فيحصل لهم منه الضرر ، وتصم أذانهم وتعمي أبصارهم عن التعقلات الحقيقية إلا من أردفه الله تعالى بالعقل ، وأما التولعات المفرحة فلا تكون مضرة أبدا إلا إذا اشتد إفراطها كالسابقة بل تصير الحياة محظوظة وتقوى الصحة وتعين على شفاء الأمراض ، ويوجد في الشخص في هذه الحالة الفرح والانبساط والمسرة والمودة والعشق والمحبة والجود وإلا منغير ذلك ، وأما التولعات المحزنة : كالغضب ، والرعب ، والخجل ، والزعل ، والغيظ ، والغم ، والحزن ، والسآمة ، والجبن وألم البعد عن الوطن وغير ذلك والحسد ، والإكراه والطمع أيضا فليست نافعة ، بل مضرة ، وتكون ينبوعا لكثير من الأمراض ، وإذا حصلت في زمن الأمراض زادت في ثقلها وساقتها سريعا إلى عاقبة رديئة ، وقلة الراحة التي تصحب الحركات النفسية علامة عن حالة تألم لا يمكن أن تتحملها أعضاؤنا بدون أن تصاب وظائفها ، وذلك مضاد كثيرا أو قليلا للحياة ، فإن الغم الثابت لا تتولد عنه الأمراض العصبية فقط كالتسرع والسوداء ، والماليخوليا واختناق الرحم ، والتشنج وغيره ، بل يتسبب عنه أيضا كثير من الأمراض الحادة والمزمنة ، وأما الثاني : وهو تأثير التولعات باعتبار نسبة قوتها فلا شك أن تأثير التولعات أعظم من الاستشعارات البسيطة للنفس : ونتائجها ليست متساوية سواء كانت ضعيفة أو شديدة ، فالتولع الشديد من أي نوع كان دائما رديء ، فمثال النوع الأول البراهمة من عظم التولع والميل يرمون أنفسهم في النار على زعمهم أنه قربان ، ويعقب باقي الأنواع المرض أو الموت والعشق كلما كان لطيفا حصل منه استشارات لذيذة في النفس وسرعة وظائف الجسم ، وكلما كان شديدا كان صعبا خطرا ، وأما الثالث ، وهو تأثير التولعات بالنظر فتتميز إلى دائمة وحادة