الإحساس ببعض انزعاج في داخل الجمجمة في الثاني إلى نهايتهما التي هي السكتة في الأول ، والالتهاب المخي الحاد جدا في الثاني ، ومتى أخذ المخ في التعب أحس بثقل في الرأس ، وبعض تشوش لو استطال الشغل النفسي لسبب حقيقي ، فيحمر الوجه والعينان ، وبعض الناس يوجد فيه ميل للنوم وبعضهم لا ، وفي الجميع يكون ضعف في الفكر ، ويحصل للأشخاص القابلين للتهيج كثيرا ، أو الذين بنيتهم ناشفة ، والضعفاء نتائج التهيج المخي فقط من غير أن يحصل لهم نزولات ، ولا يحسون إلا بانزعاج ، وبعض وجع بخلاف الذين جعل تعالى في بنيتهم امتلاء ، والذين يشتغلون في درجة حارة ، أو عقب أكلة زائدة ، فإن رؤوسهم تكون ثقيلة أكثر من أن يكون فيها ألم ، ويوجد فيهم ميل للنوم وخدر ، ويحصل في الوجه والعينين احمرار وانتفاخ ، وتغلظ أوردة الرأس والعنق ، ويعسر عليهم النطق ، وتحصل لهم السكتة ، وربما قدر عليهم تعالى الموت ، وكثيرا ما يحصل الجنون والصرع ، وذهاب القوة العقلية شيئا فشيئا من أشغال النفس الشديدة أيضا ، ونتائج شدة اشتغال النفس على عموم الجسم هي أن الحركة النفسية الواصلة إلى حد الإفراط تفعل في أعضاء مختلفة من الجسم ، فالأحشاء والحواس الظاهرة أعظمها استعداد القبول لهذه النتائج ، ويضاف إلى ذلك ضعف العضلات ، وضعف اللسان ، أو تشوش وظائف الأحشاء ، وصيرورة الأعضاء الصدرية والبطنية مركز آفات يعسر شقاؤها كلما كان تكوينها بطيئا ، وقل الانتباه إليها ، والمخ يرد عليه من النفس ، وهو يرد الفعل على الأحشاء مقدما لها على غيرها لزيادة قوة المشاركة بينهما خصوصا أحشاء القابلين للتهيج بزيادة ، فالذين جعل سبحانه مزاجهم دمويا يكون القلب والرئة فيهم مريضين ، والذين جعلهم تعالى صفراويين تكون المعدة والاثنا عشرى والكبد فيهم أشد قبولا للأعياء ، والذين قدر عليهم تعالى المزاج اللينفاوي تكون فيهم الغدد الماساريقية ، وفي بعض الأحيان الغدد اللينفاوية تحت الجلد محل تشاوش عظيمة ، والأشخاص الذين لهم إفراط في العلوم العقلية مستعدون لجملة أمراض كثيرة تنشأ فيهم غالبا من عدم الرياضة مطلقا ، والاشتغال النفسي اللطيف ليس له على المخ نتائج يحس بها ، لكنه مع الطول يحصل عدم إتقان في فاعلية هذا العضو ، وعدم استعداد طبيعي لتولد الفكر ، وعدم تتميم لبعض أعمال عقلية ، فالمخ إذا يقبل الإتقان كالعضل ، وهذا يكون طريقه لتربية العقل واشتغال النفس لا يعطي الرجل قوة في عقله لم تكن موجودة فيه ، أو كانت لكن بأضعف درجة ، بل ينعش الموجودة والتي تكون أكثر ضعفا تصير أكثر صحة ، ونتائج الاشتغال النفسي المتوسط على الجسم هي أنه وإن لم يكن زائدا يحصل منه تأثير عظيم على الهضم ، فالإنسان إذا طالع أو حسب أو صنف وهو في حالة الأكل كان الهضم فيه غير جيد ، وإن لم يصل الاشتغال لحالة التعب ، وأما المعلوم أن عدم فعل الأعضاء يصير أفعالها عسرة في كل الفهم