الذهب الأبيض والأصفر ، والحيوان جنس تحته أنواع ورئيسها الإنسان ، والإنسان أنواع وأصناف وسيأتي الكلام عينه ورئيسها النبي صلىاللهعليهوسلم والأنبياء عليهمالسلام كانوا كثيرين ، فلا بد وأن يكون هناك واحد يكون هو الرئيس المطلق ، فقوله : (وَنَفْسٍ) [الشّمس : الآية ٧]. إشارة إلى تلك النفس التي هي رئيسة لعالم المركبات رياسة بالذات. (الوجه الثاني) : أن يريد كل نفس ، ويكون المراد من التنكير التكثير على الوجه المذكور في قوله : (عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ) (١٤) [التكوير : الآية ١٤]. وذلك لأن الحيوان أنواع ـ على ما يأتي ـ لا يحصي عدده إلا الله تعالى على ما قال بعد ذكر بعض الحيوانات : (وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ) [النّحل : الآية ٨]. ولكل نوع نفس مخصوصة ، وخصص تعالى لها مراكز سماها تعالى بالأفئدة متميزة عن سائرها بالفعل المقوم لماهيته والخواص اللازمة لذلك الفعل ، فمن الذي يحيط عقله بالقليل من خواص نفس البق والبعوض ، فضلا عن التوغل في بحار أسرار الله تعالى في خلقه. [قوله تعالى : (فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها) (٨) [الشّمس : الآية ٨]. المعنى المحصل فيه وجهان (الأول) : الهام الفجور والتقوى إفهامهما وإعقالهما وجهان : (الأول) : إن الهام الفجور والتقوى إفهامهما وإعقالهما ، وأن أحدهما حسن والآخر قبيح ، وتمكينه من اختياره ما شاء منهما ، وهو كقوله : (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) (١٠) [البلد : الآية ١٠]. وهذا التأويل مطابق لمذهب المعتزلة : قالوا : ويدل عليه قوله بعد ذلك : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها (٩) وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها) (١٠) [الشمس : الآيتان ٩ ، ١٠]. وهذا الوجه مروي عن ابن عباس ، وعن جميع من أكابر المفسرين رضي الله تعالى عنهم أجمعين. (والوجه الثاني) : أنه تعالى ألهم المؤمن التقي في أفعاله وأحواله تقواه ، وألهم الكافر فجوره وخذلانه إياها بالفجور ، واختار الزجاج والواحدي ذلك ، قال الواحدي : التعليم والتعريف والتبيين غير ، والإلهام غير ، فإن الإلهام هو أن يوقع الله تعالى في قلب العبد شيئا ، وإذا أوقع في فؤاده شيئا ، فقد ألزمه إياه ، وأصل معنى الإلهام من قولهم ألهم الشيء والتهمه إذا ابتلعه وألهمته ذلك الشيء كأي أبلعته هذا هو الأصل ، ثم استعمل ذلك فيما يقذفه الله تعالى في قلب العبد ؛ لأنه كالإبلاع. وهنا تبين كيفية المصادر الواردة على الأفئدة ، وما يتعلق بالنفس ، وفي ذلك مباحث :
«المبحث الأول في الظواهر العقلية» :
كون الاشتغال النفسي متعلقا بالمخ أوجب به تعالى ، أن تكون نتائجه حاصلة ، إما من عدم اشتغال المخ ، وإما من اشتغاله ، وتأثيره أولا على نفسه ، ثم على بقية الجسم فإما نتائج الشغل النفسي الشديد على المخ ، فهي أن الحركة الشديدة للمخ التي تبلغ حد الإفراط يحدث عنها الاحتقان أو التهيج فيه من ابتداء درجتيهما اللتين هما احمرار الوجه في الأول ، ومجرد