على أنواع كثيرة ، فأنواع «السرخس الحفرية» من الأرض الفحمية بأوروبا مائتان وخمسون نوعا مع أن أنواع «السرخس» التي تنبت بأوروبا الآن لا يصل عددها إلا إلى خمسين نوعا ، والنباتات ذات الفلقتين ذات البذور العريانة كان عددها أكثر من مائة وعشرين نوعا ، والأنواع التي تعيش منها الآن خمسة وعشرون نوعا.
المبحث الرابع : في «كيفية تكون الفحم الحجري»
قد قلنا : إن الفحم الحجري ليس إلا نتيجة تحلل جزئي في النباتات التي كانت في الأرض مدة طويلة ، وقد أجمع علماء الفن على هذا الرأي ، فكثيرا ما يشاهد في معادن الفحم الحجري بقايا هذه النباتات التي بجذوعها وأوراقها تتميز الأرض الفحمية ، وقد وجدوا مرارا جذوع أشجار كبيرة في طبقات الفحم الحجري ، ويحتمل أن وجود الفحم الحجري في باطن الأرض ناشئ عن اندفاع نباتات آتية من بعد حملتها الأنهار أو البحار فكانت طافية على سطحها كروامس كبيرة جدّا ، ثم وقفت في أماكن مختلفة ، ثم نفطت بأراضي ، أو أن النباتات التي تكون منها خلقت ونمت في أماكنها ، فلم تنقل بواسطة المياه ، فنشوؤه تحلل كتلة من نبات خلقت ثم ماتت في الأماكن التي نجدها فيها الآن ، والاحتمال الأول بعيد ؛ إذ عليه يلزم أن تكون النباتات التي حملتها المياه كانت ذات سمك عظيم حتى تكون منها طبقات ثخينة من الفحم كما ذكرنا ذلك فيما تقدّم ، وأما الاحتمال الثاني فقريب من العقل ؛ إذ لا يلزم عليه إلا الزمن الضروري لتراكم المواد العضوية التي تكون منها الفحم الحجري ، فإن توازي طبقات الأراضي الفحمية وحفظ انطباعات الأجزاء الدقيقة فيها يدل على أن هذه الطبقات تكونت مع الهدء التام ، فينتج من ذلك أن الفحم الحجري إنما نشأ من تحلل النباتات في أماكنها ، أي في المحال التي نمت فيها هذه النباتات.
(واعلم) أن القشرة الأرضية لم يتكون عنها في مدة الفحم الحجري إلا غلاف رقيق مرن مرتكز على كتلة سائلة أسفله ، وكانت مضطربة بحركتي الارتفاع والهبوط المتعاقبتين الحاصلتين في الكتلة السائلة الباطنية التي كانت منقادة إلى الجذب القمري والشمسي كما هو الشأن في بحارنا الآتية ، فكان ينشأ عنهما هبوطهما هبوطا عظيما في مدد مختلفة البعد عن بعضها ، والظاهر أن المياه غمرت الغابات والكتل العظيمة من نباتات الزمن الفحمي لما هبطت الأرض ، ثم نبتت غابات أخرى فوقها ، ثم غمرتها المياه عند هبوط الأرض أيضا فبتعاقب هذه الظاهرة المزدوجة ـ أي انغمار النباتات بالمياه ، ونمو غابات جديدة في مكان عينه ـ تراكمت كتل النباتات العظيمة التي تكوّن عنها الفحم الحجري ، وكان حصول ذلك في