تيار إدراكه ، وتحيرت الأوهام عن إحاطة ذكر أزليته (١) وحصرت الأفهام عن استشعار وصف قدرته ، وغرقت الأذهان في لجج أفلاك ملكوته (٢) مقتدر بالآلاء (٣) وممتنع بالكبرياء ومتملك على الأشياء (٤) فلا دهر يخلقه (٥) ولا وصف يحيط به ، قد خضعت له ثوابت الصعاب في محل تخوم قرارها ، وأذعنت له رواصن الأسباب في منتهى شواهق أقطارها (٦) مستشهد بكلية الأجناس على ربوبيته (٧) وبعجزها على قدرته ، وبفطورها على قدمته ، وبزوالها على بقائه ، فلا لها محيص عن إدراكه إياها ، ولا خروج من إحاطته بها ، ولا احتجاب عن إحصائه لها (٨) ولا امتناع من قدرته عليها ، كفى بإتقان الصنع لها آية ، وبمركب الطبع عليها دلالة (٩) وبحدوث الفطر عليها قدمة (١٠) وبإحكام الصنعة لها عبرة ، فلا إليه حد منسوب ، و
__________________
١ ـ في نسخة ( و ) و ( د ) و ( ب ) ( وتخبطت الأوهام ـ الخ ).
٢ ـ الفلك من كل شيء مستداره ومعظمه.
٣ ـ أي مقتدر على الآلاء ، أو مقتدر على الخلق بالآلاء بأن يعطيهم إياها ويمنعهم إياها.
٤ ـ في نسخة ( د ) و ( و ) وحاشية نسخة ( ب ) ( ومستملك بالأشياء ).
٥ ـ من الأخلاق أي لا يبليه دهر.
٦ ـ الظاهر أن المراد بثوابت الصعاب ما في الأرض من أصول الكائنات وبرواصن الأسباب ما في السماوات من علل الحادثات ، وفي البحار وفي نسخة ( ب ) و ( و ) و ( د ) ( رواتب الصعاب ).
٧ ـ أي بكل ضرب من ضروب الأشياء وكل قسم من أقسام الموجودات.
٨ ـ في نسخة ( د ) وحاشية نسخة ( ب ) ( ولا احتجار عن إحصائه لها ) من الحجر بمعنى المنع.
٩ ـ أي بالطبع المركب على الأجناس ، أو مصدر ميمي بمعنى تركيب الطبع عليها.
١٠ ـ أي كفى بحدوث الايجاد على الأجناس أو حدوث التفطر والانعدام عليها دلالة على قدمته.