شيئه وبينه (١) إذ كان لا يشبهه شيء.
قلت : فالله واحد والإنسان واحد ، فليس قد تشابهت الوحدانية؟ فقال : أحلت ثبتك الله (٢) إنما التشبيه في المعاني فأما في الأسماء فهي واحدة (٣) وهي دلالة على المسمى (٤) وذلك أن الإنسان وإن قيل واحد فإنه يخبر أنه جثة واحدة وليس باثنين ، والإنسان نفسه ليس بواحد ، لأن أعضاءه مختلفة ، وألوانه مختلفة غير واحدة ، وهو أجزاء مجزأة ليس سواء (٥) دمه غير لحمه ، ولحمه غير دمه ، وعصبه غير عروقه ، وشعره غير بشره. وسواده غير بياضه ، وكذلك سائر جميع الخلق ، فالإنسان واحد في الاسم ، لا واحد في المعنى (٦) والله جل جلاله واحد لا واحد غيره ، ولا اختلاف فيه ، ولا تفاوت ، ولا زيادة ، ولا نقصان ، فأما الإنسان المخلوق المصنوع المؤلف
__________________
١ ـ قوله : ( فرق ) على صيغة المصدر مبتدء خبره ( بين من جسمه ـ الخ ) وقوله : ( بينه ) معادلة بين الأولى ، ويحتمل أن يكون ماضيا من باب التفعيل أي جعل بينه تعالى وبين من جسمه ـ الخ تفرقة ومباينة ، ويحتمل بعيدا أن يكون قوله : ( بينه ) فعلا من النبيين إذ لا يناسب قوله : ( إذ لا يشبهه شيء ) ، وقوله : ( شيئه ) من باب التفعيل أي جعله شيئا بالجعل البسيط أو المركب ، وفي الكافي باب معاني الأسماء ( وأنشأه ) مكان ( شيئه ).
٢ ـ أي أتيت بشيء محال.
٣ ـ أي إنما التشبيه الذي ننفيه عنه تعالى في الحقائق فأما في الأسماء أي الألفاظ أو المفاهيم ( والثاني أقرب ) فالتشبيه واقع لأنها فيه تعالى وفي غيره واحدة متشابهة ولا يضر ذلك بوحدة ذاته تعالى ، ويمكن أن يقرأ بالنصب أي إنما ننفي عنه التشبيه في المعاني وفي البحار وفي نسخة ( ج ) ( وأما في الأسماء ).
٤ ـ أي والألفاظ دلالة على المفهوم أو والمفاهيم دلالة على المصداق والحقيقة ، وشباهة الدال بشيء لا تستلزم شباهة المدلول للمغايرة بينهما ذاتا.
٥ ـ قوله : ( ليس سواء ) خبر لهو بعد خبر ، وفي الكافي وفي حاشية نسخة ( ط ) و ( ن ) ( ليست بسواء ) فصفة لا جزاء بعد صفة.
٦ ـ في نسخة ( ط ) و ( ن ) فالإنسان واحد بالاسم لا واحد بالمعنى.