ولا انقطاع لمدته ، وهو الكينون أولا (١) والديموم أبدا ، المحتجب بنوره دون خلقه في الأفق الطامح ، والعز الشامخ والملك الباذخ ، فوق كل شيء علا ، ومن كل شيء دنا ، فتجلى لخلقه من غير أن يكون يرى. وهو بالمنظر الأعلى ، فأحب الاختصاص بالتوحيد إذ احتجب بنوره ، وسما في علوه ، واستتر عن خلقه ، وبعث إليهم الرسل لتكون له الحجة البالغة على خلقه ويكون رسله إليهم شهداء عليهم ، وابتعث فيهم النبيين مبشرين ومنذرين ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة ، وليعقل العباد عن ربهم ما جهلوه فيعرفوه بربوبيته ، بعد ما أنكروا ويوحدوه بالإلهية بعد ما عضدوا (٢).
٥ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضياللهعنه ، قال : حدثنا محمد بن يحيى العطار ، وأحمد بن إدريس جميعا ، قالا : حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى ، عن بعض أصحابنا رفعه ، قال : جاء رجل إلى الحسن بن علي عليهماالسلام فقال له : يا ابن رسول الله صف لي ربك حتى كأني أنظر إليه ، فأطرق الحسن بن علي عليهماالسلام مليا ، ثم رفع رأسه ، فقال : الحمد لله الذي لم يكن له أول معلوم (٣) ولا آخر متناه ، ولا قبل مدرك ، ولا بعد محدود ، ولا أمد بحتى (٤) ولا شخص فيتجزأ ، ولا اختلاف صفة فيتناهى (٥) فلا تدرك العقول وأوهامها ، ولا الفكر وخطراتها ، و
__________________
١ ـ في نسخة ( ن ) ( وهو الكينون أزلا ).
٢ ـ هو ثلاثي من العضد بمعنى القطع ، أو مزيد من التعضيد بمعنى الذهاب يمينا وشمالا ، وفي البحار في باب جوامع التوحيد وفي نسخة ( ج ) و ( ن ) وحاشية نسخة ( و ) و ( ب ) ( بعد ما عندوا ).
٣ ـ هذه الصفة والثلاثة التي بعدها توضيحية.
٤ ـ أي ليس له نهاية بحتى فالتقييد توضيح ، وفي نسخة ( و ) ( فيحتى ) بالفاء والفعل المجهول من التحتية المجعولة المأخوذة من حتى أي ليس له نهاية فيقال له : أنه ينتهي إلى تلك النهاية.
٥ ـ المراد بالاختلاف إما اختلاف حقائق الصفات كما يقول به الأشعرية أو توارد الصفات المتضادة ، وكل منهما مستلزم للامكان المستلزم للتناهي.