ثلاث لا يجعل الله لك في شيء منها مخرجا : أخبرني أخلق الله العباد كما شاء أو كما شاؤوا؟! فقال : كما شاء ، قال عليهالسلام : فخلق الله العباد لما شاء أو لما شاؤوا؟! فقال : لما شاء ، قال عليهالسلام : يأتونه يوم القيامة كما شاء أو كما شاؤوا؟ قال : يأتونه كما شاء ، قال عليهالسلام : قم فليس إليك من المشية شيء. (١)
٤ ـ أبي رحمهالله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن القاسم بن محمد الإصبهاني عن سليمان بن داود المنقري ، عن سفيان بن عيينة (٢) عن الزهري ، قال : قال رجل لعلي بن الحسين عليهماالسلام : جعلني الله فداك أبقدر يصيب الناس ما أصابهم أم بعمل؟ فقال عليهالسلام : إن القدر والعمل بمنزلة الروح والجسد ، فالروح بغير جسد لا تحس والجسد بغير روح صورة لا حراك بها (٣) فإذا اجتمعا قويا وصلحا ، وكذلك العمل والقدر ، فلو لم يكن القدر واقعا على العمل لم يعرف الخالق من المخلوق وكان
__________________
١ ـ إن السائل توهم أن أعمال العباد لو كانت واقعة بقدر الله تعالى لزم الظلم إذا عذبوا عليها إذ لا محيص لهم عن القدر ، كما أن هذا التوهم ألجأ المفوضة إلى التفويض ونفي القدر فأجاب عليهالسلام أن أعمال العباد مسبوقة برحمته ، مرتبطة بها ، مقدرة بها كسائر الأشياء ، فإن رحمته وسعت كل شيء ، فإن كانت مقدرة بها فلا معنى لأن يكون في التقدير ظلم ، فالجواب يرجع إلى نفي الملازمة بإثبات ضد الظلم في القدر ، وحيث إنه عليهالسلام نفي التفويض وأثبت القدر توهم الجبر فرجع وقال : ( أبا لمشيئة الأولى ـ الخ ) إذ إثبات القدر في الأعمال يستلزم كونها بمشيئته ، وهذا من عجيب أمر هذا المبحث إذ نفي أحد الطرفين يجر إلى الطرف الآخر والقرار في الوسط يحتاج إلى قريحة لطيفة وفكرة دقيقة ، فأثبت عليهالسلام للعبد مشيئة ولله تعالى المشيئة إلا أنها متقدمة حاكمة عليها مؤثرة فيها. وقوله : ( فليس إليك من المشيئة شيء ) أي ليس شيء من مشيئتك مفوض إليك من دون تأثير مشيئته ، وهذا هو الأمر بين أمرين ، وفي نسخة ( ب ) و ( د ) ( فليس إليك في المشيئة شيء ) وفي نسخة ( ن ) ( فليس لك من المشيئة شيء ) وفي نسخة ( ج ) ( ليس لك في المشيئة شيء ).
٢ ـ في نخسة ( ب ) و ( د ) وحاشية نسخة ( ن ) و ( ط ) ( عن سيف بن عيينة ).
٣ ـ في نسخة ( ب ) و ( ط ) و ( ن ) ( لا حراك لها ).