دين الله ، وبفقير صابر ، فإذا كتم العالم علمه ، وبخل الغني ، ولم يصبر الفقير فعندها الويل والثبور ، وعندها يعرف العارفون بالله أن الدار قد رجعت إلى بدئها أي الكفر بعد الإيمان ، أيها السائل فلا تغترن بكثرة المساجد وجماعة أقوام أجسادهم مجتمعة وقلوبهم شتى ، أيها السائل إنما الناس ثلاثة : زاهد وراغب وصابر ، فأما الزاهد فلا يفرح بشيء من الدنيا أتاه ولا يحزن على شيء منها فاته ، وأما الصابر فيتمناها بقلبه ، فإن أدرك منها شيئا صرف عنها نفسه لما يعلم من سوء عاقبتها ، وأما الراغب فلا يبالي من حل أصابها أم من حرام ، قال له : يا أمير المؤمنين فما علامة المؤمن في ذلك الزمان؟ قال : ينظر إلى ما أوجب الله عليه من حق فيتولاه وينظر إلى ما خالفه فيتبرء منه وإن كان حميما قريبا ، قال : صدقت والله يا أمير المؤمنين ثم غاب الرجل فلم نره ، فطلبه الناس فلم يجدوه ، فتبسم علي عليهالسلام على المنبر ثم قال : ما لكم هذا أخي الخضر عليهالسلام.
ثم قال : سلوني قبل أن تفقدوني فلم يقم إليه أحد ، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه صلىاللهعليهوآله ، ثم قال للحسن عليهالسلام : يا حسن قم فاصعد المنبر فتكلم بكلام لا تجهلك قريش من بعدي فيقولون : إن الحسن بن علي لا يحسن شيئا ، قال الحسن عليهالسلام : يا أبت كيف أصعد وأتكلم وأنت في الناس تسمع وترى ، قال له : بأبي وأمي أواري نفسي عنك وأسمع وأرى وأنت لا تراني ، فصعد الحسن عليهالسلام المنبر فحمد الله بمحامد بليغة شريفة ، وصلى على النبي صلىاللهعليهوآله صلاة موجزة ، ثم قال : أيها الناس سمعت جدي رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : أنا مدينة العلم وعلي بابها وهل تدخل المدينة إلا من بابها ، ثم نزل فوثب إليه علي عليهالسلام فحمله وضمه إلى صدره ، ثم قال للحسين عليهالسلام : يا بني قم فاصعد المنبر وتكلم بكلام لا تجهلك قريش من بعدي فيقولون : إن الحسين بن علي لا يبصر شيئا ، وليكن كلامك تبعا لكلام أخيك ، فصعد الحسين عليهالسلام المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه صلىاللهعليهوآله صلاة موجزة ، ثم قال : معاشر الناس سمعت جدي رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو يقول : إن عليا هو مدينة هدى فمن دخلها نجا ومن تخلف عنها هلك ، فوثب