بسم الله الرحمن الرحيم
كلمتنا :
الحمد لله محيي قلوب العارفين بحياة التوحيد ، ومخلص خواطر المحققين من مضائق الأوهام إلى فسح التجريد ، والصلاة والسلام على رسوله المؤيد بالآيات والأملاك وغيرها من صنوف التأييد ، وعلى آله المعصومين الذين بولائهم نجاة ـ الناجي وسعادة السعيد.
أما بعد : فهذا السفر الكريم من أحسن ما ألف في المعارف العالية الآلهية ، يتراءى لمن طالعة أصول علمية مبنية على أساس وثيق ، من البراهين المأثورة العقلية المؤيدة بالآيات ، والأخبار الإرشادية المروية عن الأئمة الأطهار عليهم صلوات الله الملك الجبار ، فيه أبحاث ضافية ترشد إلى مهيع الحق ، وحجج بالغة تدل على منهج الصواب في الأصول الاعتقادية ومعرفة الله سبحانه ببيان متين ، وقول سديد وطريق لاحب ، ومسلك جدد ، ومن سلك الجدد أمن العثار ، ومن مال عنه إلى غيره تحير في واد السدر ، وبنى أمره على شفا جرف هار ، أو تطلب في الماء جذوة نار.
ومصنفه أبو جعفر الصدوق ـ رضوان الله عليه ـ محدث فقيه ، عالم رباني بتمام معنى الكلمة ، والذي يستفاد من آرائه ومعتقداته المبثوثة في تضاعيف كتبه ، ويظهر من رحلاته إلى الأرجاء ، وتحمله المشاق فيها لأخذ العلم وترويج المذهب ، ومناظراته مع المخالفين ، ومرجعيته العامة أنه رجل زكي الوجدان ، ثابت الجنان ، قوي الإرادة ، عالي الهمة ، نقي الذمة ، ذكي الفؤاد ، رفيع العماد ، واضح الأخلاق ، طاهر الأعراق ، متكلم كثير الحفظ ، صريح اللسان فصيحه ، سديد الرأي حصيفه ، عصامي النفس مع كونه معروف النسب سني الحسب ، عارف بالدين أصولا وفروعا ، عالم بما تحتاج إليه الأمة ، ساع إلى نشر العلم في ربوعها ، غير متقاعس عما يفيدها ويعلي شأنها. وقد مثل الحق في هذا الكتاب عيانا ، وبين غوامض العلم بيانا ، فسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا.