فقد جمعنا الاسم ولم يجمعنا المعنى ، وأما الباطن فليس على معنى الاستبطان للأشياء بأن يغور فيها ولكن ذلك منه على استبطانه للأشياء علما وحفظا وتدبيرا ، كقول القائل أبطنته ، يعني خبرته وعلمت مكتوم سره ، والباطن منا بمعنى الغائر في الشيء والمستتر به فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى ، وأما القاهر فإنه ليس على معنى علاج ونصب واحتيال ومداراة ومكر ، كما يقهر العباد بعضهم بعضا ، فالمقهور منهم يعود قاهرا ، والقاهر يعود مقهورا ، ولكن ذلك من الله تبارك وتعالى على أن جميع ما خلق ملتبس به الذل لفاعله وقلة الامتناع لما أراد به ، لم يخرج منه طرفة عين غير أنه يقول له : كن فيكون ، والقاهر منا على ما ذكرته ووصفت ، فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى ، وهكذا جميع الأسماء وإن كنا لم نسمها كلها ، فقد يكتفي للاعتبار بما ألقينا إليك ، والله عوننا وعونك في إرشادنا وتوفيقنا.
٣ ـ حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمهالله ، قال : حدثنا محمد بن يعقوب ، قال : حدثنا علي بن محمد ، عن صالح بن أبي حماد ، عن الحسين بن يزيد ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن إبراهيم بن عمر ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : إن الله تبارك وتعالى خلق اسما بالحروف وهو عزوجل بالحروف غير منعوت (١) وباللفظ غير منطق ، وبالشخص غير مجسد ، وبالتشبيه غير موصوف ،
__________________
١ ـ في بعض النسخ ( خلق أسماء ) بصيغة الجمع وهو من خطأ الناسخ لمنافاته مع الذيل حيث قال : ( فجعله كلمة تامة ـ الخ ) وليس هذه الفقرة ( وهو عزوجل بالحروف ) في الكافي والبحار ، وموجودة في نسخ التوحيد التي عندي ، وقال المجلسي رحمهالله. إنها موجودة في أكثر النسخ ، والظاهر أنها من مختلقات بعض الناسخين لتوهمه أن هذه الأوصاف تمتنع على الاسم الملفوظ ، وغفل أن الأوصاف المذكورة بعد قوله : فجعله كلمة تامة أيضا تمتنع عليه مع أنها للاسم قطعا ، فالمراد بهذا الاسم ليس ما هو اللفظ ولا المفهوم ، بل هو حقيقة بإبداع الحق تعالى منشأ لظهور أسمائه وآثار صفاته في الأشياء ، ومن أراد الشرح لهذا الحديث فعليه بالبحار وشروح الكافي وتفسير الميزان ذيل الآية المائة والثمانين في سورة الأعراف ، وفي الكافي باب حدوث الأسماء وفي نسخة ( ج ) وحاشية نسخة ( ب ) و ( د ) ( بالحروف غير متصوت ).