قالوا : يا رسول الله كيف نصلّي عليك؟ قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «قولوا : اللهم صلّ على محمّد وأزواجه وذريّته ، كما صليت على آل إبراهيم ، وبارك على محمّد وأزواجه وذريّته ، كما باركت على آل إبراهيم ، إنّك حميد مجيد».
وأخرج الجماعة (١) عن أبي سعيد الخدري قلنا : يا رسول الله هذا السلام عليك قد عرفناه ، فكيف الصلاة عليك؟ فقال : «قولوا : اللهم صلّ على محمّد عبدك ورسولك ، كما صلّيت على إبراهيم ، وبارك على محمّد وعلى آل محمد ، كما باركت على آل إبراهيم».
وهناك روايات أخرى دون هذه في الصحة ، وتخالفها بالزيادة والنقص في مواضع كثيرة ، وما دام المراد تعظيم النبي صلىاللهعليهوسلم فأيّ عبارة تكون واردة من طريق صحيح كان لك أن تأخذ بها.
وأما التسليم : فقد قيل : إنّ المعنى أن الله أمر المؤمنين أن يقولوا السلام عليك يا رسول الله ، وقد اختلف في معنى السلام عليك فقيل : إنّ معناه دعاء له بالسلامة من الآفات والنقائص [أن] تحيط به وتلازمه.
وقيل : بل السلام اسم من أسماء الله ، ومعنى كونه عليه : أنه حافظه ، حتى إن بعض من قال بهذا قال : إنّ الكلام على حذف مضاف ، والتقدير حفظ السلام عليك.
وقيل : بل السلام الانقياد وعدم المخالفة ، ومعنى كونه عليك : ملازمته ، وهو حينئذ دعاء للمسلم عليه بانقياد الناس له انقيادا ملازما بحيث لا يخالفونه.
قالوا : إنما أكّد التسليم بالمصدر ، ولم يؤكد الصلاة ، لأن الصلاة قد قرنت بما يؤكدها ، وهو الإخبار بأنّها تكون من الله ومن الملائكة ، فكان ذلك أبعث على أن تكون من الناس.
وخص المؤمنين بالتسليم ، لأنّ الآية وردت بعد الكلام في أذية النبي صلىاللهعليهوسلم ، والأذية المحدّث عنها إنما تكون من البشر.
وقيل : بل صلاة الله مشتملة على تسليمه ، وأما صلاة الناس فلا تشتمل عليه ، فلذلك طلب التسليم منهم.
ويكاد العلماء يجمعون على وجوب الصلاة والتسليم عليه مرّة في العمر ، بل
__________________
(١) رواه البخاري في الصحيح (٦ / ٣٢) ، ٦٥ ـ كتاب التفسير ، ١٠ ـ باب (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ ...) حديث رقم (٤٧٩٨) ، وابن ماجه في السنن (١ / ٢٩٢) ، ٥ ـ كتاب إقامة الصلاة ، ٢٥ ـ باب الصلاة على النبي حديث رقم (٩٠٣) ، والنسائي في السنن (٣ ـ ٤ / ٥٦) ، كتاب السهو ، باب نوع آخر من الصلاة على النبي حديث رقم (١٢٩١).