ينسخ بكل سنة ، بل كان متواترا معنى ، وهو المشهور ، فكيف يكون النسخ هنا
بقول عائشة ، وهي لم ترفعه ، وفوق ذلك يقول ابن العربي فيه : إنّه حديث ضعيف.
ثم كيف جاز لهم
أن يجعلوا النسخ هنا دليلا على القاعدة الأصولية : نسخ الكتاب بالسنة ، والأصول لا تثبت إلا بقاطع كما يقولون. وحديثهم الذي
يستدلون به على النسخ قد علمت قيمته.
(وَكانَ اللهُ عَلى
كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً) يطلع على ما يكون من كل أحد فيجازيه بحسابه.
قال الله تعالى
: (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ
إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذا
طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذلِكُمْ كانَ
يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ
وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ ذلِكُمْ
أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ
اللهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ
عِنْدَ اللهِ عَظِيماً (٥٣))
روي في سبب
نزول هذه الآية روايات كثيرة سنذكرها ، ونبيّن الصحيح منها بعد أن نقول لك : إنّ
الكلام هنا بيان لما يكون عليه حال المؤمنين مع النبي صلىاللهعليهوسلم وهو في البيت ، وذلك ينتظم أحوالا كثيرة بينت الآية
الكريمة أحكامها : منها
لزوم عدم الدخول إلا بعد صدور الإذن ، وهذا يكون بعد الاستئذان. ومنها أن الدخول إذا كان لطعام
فيلزم أن يكون المجيء إليه في إبانه لا قبله. وأن ينتشروا على فور الطعام ، ولا يمكثوا سامرين.
وسيأتي عند
الكلام على تفسير الآية ما يراه العلماء في معنى الآية ، وإنما نذكر هنا أن الآية
سيقت لبيان آداب الناس في بيت الرسول صلىاللهعليهوسلم ، والآية بعد هذا اشتملت على أحكام دخول البيت ، وعلى
حجاب النساء ، ومنع المؤمنين من مخالطتهن ، ولو من طريق المسألة إلا من وراء حجاب.
وقد ذكر
العلماء أسبابا كثيرة يرجع بعضها إلى مسألة دخول البيت ، ويرجع بعضها الآخر إلى
مسألة حجاب نساء النبي صلىاللهعليهوسلم.
ونرى أن لا
مانع من أن يكون كلّ ما روي بعد أن يكون صحيحا سببا للنزول ، وقد علمت مرارا أنّ
الآية نزلت على أسباب كثيرة.
روى البخاري
ومسلم والترمذي واللفظ له عن أنس بن مالك قال : تزوج
__________________