درهم ، لأن المائتين هي النصاب الكامل ، فيكون غنيا مع تمام ملك الصدقة ،
ومعلوم أنّ الله تعالى إنما أمر بدفع الزكوات إلى الفقراء لينتفعوا بها ويتملكوها
، فلو أعطى الفقير مئتي درهم فإنّه لا يتمكن من الانتفاع بها إلا وهو غني ، فكره
أبو حنيفة من أجل ذلك دفع النصاب الكامل إلى إنسان واحد.
الصنف الثالث : العاملون عليها
وهم السعاة
لجباية الصدقة ، ويدخل فيهم الحاشر ، والعريف ، والحاسب ، والكاتب ، والقسّام
وحافظ المال ، ويعطى العامل عند الحنفية
والمالكية ما يكفيه
ويكفي أعوانه بالوسط مدة ذهابهم وإيابهم ما دام المال باقيا ، وإذا استغرقت
كفايتهم الزكاة ، فالحنفية لا يزيدونهم على النصف.
وعند الشافعية يعطون من سهم العاملين ـ وهو الثمن ـ قدر أجرتهم ، فإن
زادت أجرتهم على سهمهم تمم لهم ، قيل : من سائر السهمان ، وقيل : من بيت المال.
وهذا الذي ذهب
إليه الشافعي هو قول عبد الله بن عمر وابن زيد ، وقال مجاهد والضحاك : يعطون الثمن
من الصدقات ، وظاهر الآية معهما.
وفيما يعطاه
العاملون شبه
بالأجرة وشبه بالصدقة.
فبالاعتبار
الأول حل إعطاء العامل الغني ، وسقط سهم العامل إذا أدى الزكاة رب المال إلى
الإمام أو إلى الفقراء.
وبالاعتبار
الثاني : لا تحل للعامل من آل البيت ، ولا لمولاهم ، ولا لغير المسلم. فعن ابن
عباس أنه قال : بعث نوفل بن الحارث ابنيه إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : انطلقا إلى عمكما ، لعله يستعملكما على الصدقة ،
فجاءا فحدثا النبي صلىاللهعليهوسلم بحاجتهما ، فقال لهما : «لا يحل لكم أهل البيت من
الصدقات شيء ، لأنها غسالة الأيدي ، إن لكم في خمس الخمس ما يغنيكم أو يكفيكم» .
وروي عن علي
أنه قال للعباس : سل النبي صلىاللهعليهوسلم أن يستعملك على الصدقة ، فسأله فقال : «ما كنت لأستعملك
على غسالة ذنوب الناس» .
وأبى رسول الله
صلىاللهعليهوسلم أن يبعث أبا رافع ـ مولاه ـ عاملا على الصدقات وقال : «أما
علمت أن مولى القوم منهم» .
__________________