سهم الفقراء والمساكين ، لأن ذلك إنما جعل للحاجة ، ولا حاجة بهم مع وجود النفقة لهم ، ولأنه بالدفع إليهم يجلب إلى نفسه نفعا ، وهو منع وجوب النفقة عليه.
ولا يجوز دفعها إلى هاشمي باتفاق الأئمة ، لما رواه مسلم (١) عن المطلب بن ربيعة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إنّ هذه الصدقات إنما هي أوساخ الناس ، وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد».
وقال الشافعي : لا يجوز دفعها إلى مطلبي أيضا لما رواه البخاري في «صحيحه» (٢) عن جبير بن مطعم أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إنّ بني هاشم وبني المطلب شيء واحد وشبّك بين أصابعه» ولأنه حكم واحد يتعلق بذوي القربى ، فاستوى فيه الهاشمي والمطلبي كاستحقاق الخمس.
هذا وقد اختلف الفقهاء في مقدار ما يعطى للفقير والمسكين ، فقال الشافعي : يجوز أن يدفع إلى كل منهما ما تزول به حاجته ، ولا يزاد على ذلك ، سواء صار بذلك مالكا للنصاب أم لا.
وكره أبو حنيفة (٣) أن يعطى إنسان من الزكاة مئتي درهم ، وأي مقدار أعطيه أجزأ ، وأبو يوسف يمنع ما زاد على النصاب.
وأما مالك رضي الله عنه فإنه يرد الأمر فيه إلى الاجتهاد.
وقال الثوري : لا يعطى من الزكاة أكثر من خمسين درهما إلا أن يكون غارما.
يرى الشافعي أن الله تعالى أثبت الصدقات لهؤلاء الأصناف دفعا لحاجتهم ، وتحصيلا لمصلحتهم ، فالمقصود من دفع الزكاة سد الخلة ، ودفع الحاجة ، فيعطى الفقير والمسكين ما يسد خلته ، ويدفع حاجته.
ويرى أبو حنيفة ومالك أن الآية ليس فيها تحديد مقدار ما يعطى كل واحد منهم ، وقد علمنا أنه لم يرد بها تفريق الصدقة على الفقراء على عدد الرؤوس لامتناع ذلك وتعذره ، فثبت أنّ المراد دفعها ، إلى بعض أيّ بعض كان. ومعلوم أنّ كل واحد من أرباب الأموال مخاطب بذلك ، فاقتضى ذلك جواز دفع كل واحد منهم جميع صدقته إلى فقير واحد ، قلّ المدفوع أو كثر ، فثبت بظاهر الآية جواز دفع المال الكثير إلى واحد من الفقراء من غير تحديد للمقدار ، وإنما كره أبو حنيفة أن يعطى إنسان مائتي
__________________
(١) رواه مسلم في الصحيح (٢ / ٧٥٢) ، ١٢ ـ كتاب الزكاة ، ٥١ ـ باب ترك استعمال آل النبي على الصدقة حديث رقم (١٦٧ / ١٠٧٢).
(٢) رواه البخاري في الصحيح (٤ / ٦٨) ، ٥٧ ـ كتاب الخمس ، ١٧ ـ باب ومن الدليل على أنّ الخمس حديث رقم (٣١٤٠).
(٣) انظر الهداية شرح بداية المبتدي للمرغيناني (١ ـ ٢ / ١٢٣).