ومن الثاني : قول
النبي صلىاللهعليهوسلم : «صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا
المسجد الحرام»
وقوله عليه
الصلاة والسلام : «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ...»
إلخ.
وأما الثالث :
وهو مكة فقال المفسرون هو المراد في قوله تعالى : (سُبْحانَ الَّذِي
أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ
الْأَقْصَى) [الإسراء : ١] وكان الإسراء من دور مكة ، وقول الله تعالى : (ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ
حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) [البقرة : ١٩٦].
والإطلاق
الرابع : دليله قوله تعالى : (إِنَّمَا
الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا) [التوبة : ٢٨] ، والشطر أيضا يطلق بإطلاقين : يطلق ويراد منه النصف وقد قاله
الجبّائي والقاضي : أنه المراد هنا ، لأن المراد الكعبة ، والكعبة وسط المسجد. وقد
فرّعوا عليه أن من كان خارج المسجد ، وصلّى إلى جانب المسجد ولم يكن في منتصفه ،
فقد صلّى إلى غير الكعبة ، فتكون صلاته باطلة لعدم الاستقبال. كذا نقل الفخر
الرازي عنهما. ومستندهما في الذي رأيا أنه لو كان المراد من الشطر الجانب لم يكن
لذكر الشطر فائدة ، ولقيل فول وجهك المسجد الحرام ، وقد قيل في رد هذا : إن
الفائدة موجودة ، وهي أنه لو قال : فولّ وجهك المسجد الحرام لزم تكليف ما لا يطاق
، لأنّ من في أقصى المشرق أو المغرب لا يمكن أن يولّي وجهه المسجد ، بخلاف ما إذا
ذكر الشطر وأريد منه : الجانب.
بعد هذا نرجع
إلى بيان الخلاف في القبلة :
قلنا إنّ المالكية يرون أن القبلة للمسامت هي الكعبة ، ولغير المسامت
الجهة ، ويشهد لهم ما حكي في كتاب «شرح السنة» عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : «البيت قبلة لأهل
المسجد ، والمسجد قبلة لأهل الحرم ، والحرم قبلة لأهل المشرق والمغرب».
وقال غيرهم :
القبلة هي الكعبة ، والدليل عليه ما ورد في «الصحيحين» : عن
__________________