والأولى أن يقال : إنه يحتمل أن يكون ذلك شرطا في تحريم الربيبة فقط ، وأن يكون شرطا في تحريم أمهات النساء أيضا ، ولا تحلّ الفروج بالاحتمال ، فالاحتياط يقضي أن يجعل شرطا في الربيبة فقط.
٥ ـ حلائل أبنائكم الذين من أصلابكم :
الحلائل جمع حليلة ، فعيلة بمعنى مفعلة أي محلة.
حرم الله على الأب زوجة ابنه ، كما حرم على الابن زوجة أبيه (وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ).
وقد أرسلها الله فلم يقيدها بالدخول ، فيعلم أنها تحرم على الأب بمجرد عقد الابن عليها ، وقيد الله الأبناء بالذين من أصلابكم ليخرج الابن الدعيّ ، فهذا تحل حليلته لمن تبناه ، وذلك فائدة التقييد.
وقد كانت العرب تحرّم زوجة الابن بالتبني على من تبنّاه ، فأحلّها الإسلام ، وتزوّج النبيّ صلىاللهعليهوسلم زينب بنت جحش زوج زيد بن حارثة الذي تبناه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، تزوجها بعد أن طلقها زيد ، فقالت العرب : تزوّج محمد امرأة ابنه ، فنزل : (فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ) [الأحزاب : ٣٧] وقوله : (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ) [الأحزاب : ٥] ونزل في ذلك أيضا : (وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ).
فإن قيل : إنّ هذا القيد يخرج الابن من الرضاع كما يخرج الابن بالتبني.
قيل : إن الابن بالرضاع حرمت حليلته بقوله صلىاللهعليهوسلم : «يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب».
وقد رأى الفخر الرازي أنّ اسم الحليلة كما يشمل الزوجة يشمل الأمة ، لأنها أيضا تحلّ ، فقوله : (وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ) يفيد حرمة أمة الابن أيضا.
وذهب الحنفية إلى أن اسم الحليلة خصّ عرفا بالزوجة ، فلا تكون داخلة في الآية ، ولا تحرم على الأب بمجرد ملك الابن إياها ، بل بالوطء.
٦ ـ وأن تجمعوا بين الأختين :
حرّم الله أن يجمع الرجل بين الأختين في النكاح ، وقوله : (وَأَنْ تَجْمَعُوا ...) في تأويل مصدر معطوف على (أُمَّهاتُكُمْ).
وقد رأى علي في بعض الروايات عنه أنه يحرم الجمع بينهما بملك اليمين أو إحداهما بنكاح والأخرى بملك اليمين ، وحجته أن الله حرم الجمع بين الأختين ، وهذا يشمل الجمع بينهما بملك اليمين.