وقد أخرج أبو
بكر الرازي عن طاووس عن ابن عباس أنه سئل عن الرضاع فقلت : إن
الناس يقولون : لا تحرّم الرضعة ولا الرضعتان ، قال : قد كان ذاك ، أما اليوم
فالرضعة الواحدة تحرم.
فقد عرف ابن
عباس خبر العدد في الرضاع ، وأنه منسوخ بالتحريم بالرضعة الواحدة.
اختلف العلماء
في لبن الفحل أيحرّم أم لا يحرّم؟ وصورته : أن يتزوج رجل امرأتين ، فتلدا منه ،
وترضع إحداهما صبية ، والأخرى غلاما ، فمن ذهب إلى أن لبن الفحل يحرّم حرّم الصبية
على الغلام ، لأنهما أخوان من الرضاع لأب ، وهذا هو المتصوّر ، لما ثبت في البخاري
عن عائشة أن أفلح أخا أبي القعيس جاء يستأذن على عائشة بعد أن نزل الحجاب
، فقالت عائشة : والله لا آذن لأفلح حتى أسأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فإن أبا القعيس ليس هو الذي أرضعني ، إنما أرضعتني
المرأة ، قالت عائشة : فلما دخل رسول الله صلىاللهعليهوسلم قلت : يا رسول الله! إن أفلح أخا أبي القعيس جاء يستأذن
عليّ فأبيت أن آذن له حتى أستأذنك ، فقال : «إنه عمك فليلج عليك» وهو مذهب أكثر
الأئمة.
يقتضي قوله
تعالى : (وَأُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي
أَرْضَعْنَكُمْ) أنّ الرضاع يحرّم ولو في سن الكبر ، إلا أن قوله تعالى
: (وَالْوالِداتُ
يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ) [البقرة : ٢٣٣] بيّن زمن الرضاعة ، فذهب العلماء إلى أنّ من أرضع خارج
الحولين لا يكون ابنا من الرضاعة ، وأكد هذا ما روي عن عائشة قالت : قال رسول الله
صلىاللهعليهوسلم : «لا يحرم من الرضاعة إلا ما فتق الأمعاء من الثدي ،
وكان قبل الفطام» رواه الترمذي والنسائي .
وقد رأت عائشة
أنّ رضاع الكبير محرّم ، للحديث الصحيح عنها قالت : جاءت سهلة بنت سهيل إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقالت : يا رسول الله إنا كنا نرى سالما ولدا ، وكان
يأوي معي ومع أبي حذيفة في بيت واحد ، ويراني فضلا ، وقد أنزل الله سبحانه وتعالى
فيهم ما علمت ، فكيف ترى يا رسول الله فيهم؟
فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : أرضعيه خمس رضعات يحرم بها ، فكانت تراه ابنا من
الرضاعة ، فبذلك كانت عائشة تأخذ.
__________________