قوله تعالى : (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ) كذلك لم يدخل في قوله : (إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ).
وقد رأوا أيضا أنّ الحرّ والعبد لا يتوارثان ، لأن العبد لا يملك ، وأن القاتل عمدا لا يرث من قتله ، معاملة له بنقيض مقصوده.
٢ ـ قد يترك الميت أصحاب فروض لا تستغرق فروضهم الميراث ، ومعهم عاصب ، كأن يترك بنتين وعمّا ، فللبنتين الثلثان ، ويبقى الثلث ، ولم يبيّن في آيات المواريث لمن يكون الباقي ، وقد بيّنت السنة حكم ذلك. فقد ورد في «الصحيح» (١) أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «ألحقوا الفرائض بأهلها ، فما أبقت فلأولى رجل ذكر» ولأجل ذلك قدم الأقرب في العصبة على الأبعد ، كالأخ الشقيق يقدم على الأخ لأب ، وابن الأخ الشقيق يقدم على ابن الأخ لأب ، ويقدم الأخ للأب على ابن الأخ الشقيق.
٣ ـ قد يحدث أن يجتمع أصحاب فروض لا تستغرق فروضهم الميراث ، وليس معهم عاصب ، وقد اختلف العلماء في الباقي بعد أنصباء ذوي الفروض ، فقال بعضهم : يردّ على ذوي الفروض بقدر حقوقهم.
وقال بعضهم : لا يرد عليهم ، بل هو لبيت مال المسلمين ، وعلى القول الأول عامة الصحابة. وبالثاني قال زيد بن ثابت ، وبه أخذ عروة والزهري والشافعي ، لكنّ المحققين من الشافعية قالوا : إذا لم ينتظم بيت المال يردّ على ذوي الفروض بنسبة فروضهم ، وإلا كان لبيت المال.
والقائلون بالرد اختلفوا فيمن يردّ عليه ، فالأكثرون على أنه يردّ على جميع ذوي الفروض إلا الزوجين ، وهو مذهب الحنفية والشافعية.
وألحق ابن عباس بالزوجين الجدة في المنع ، وقال عثمان رضي الله عنه : يرد على ذوي الفروض جميعا حتى الزوجين.
احتج من أبى الردّ بأن الله تعالى قدّر نصيب أصحاب الفرائض بالنص الظاهر ، فلا يجوز أن يزاد عليه ، لأن الزيادة تعدّ لحدود الله في الميراث ، وقد قال الله تعالى : (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ (١٤)).
وبأنّ الفاضل عن فروضهم مال لا مستحق له فيكون لبيت المال ، كما إذا لم يترك وارثا أصلا ، اعتبارا للبعض بالكل.
واحتج القائلون بالرد بقوله تعالى : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ
__________________
(١) رواه البخاري في الصحيح (٨ / ٦) ، ٨٥ ـ كتاب الفرائض ، ٥ ـ باب ميراث الولد حديث رقم (٦٧٣٢) ، ومسلم في الصحيح (٣ / ١٢٣٣) ، ٢٣ ـ كتاب الفرائض ، ١ ـ باب ألحقوا الفرائض بأهلها حديث رقم (٢ / ١٦١٥).