حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (٢٣٥))
(عَرَّضْتُمْ) التعريض : هو القول المفهم للمقصود ، وليس بنص فيه.
(أَكْنَنْتُمْ) سترتم.
(سِرًّا) السرّ : الوطء ، قال الأعشى :
ولا تقربنّ جارة إنّ سرّها |
|
عليك حرام فانكحن أو تأبّدا |
منع الله من خطبة المرأة صريحا في العدة ، وأجاز التعريض بالخطبة لها أو لوليها في العدة ، كأن يقول : إنك لجميلة ، أو عسى أن ييسرّ الله لي امرأة صالحة ، أو نحو ذلك ، حتى تحبس نفسها عليه إن رغبت فيه ، ولا يصرّح بالخطبة.
أخرج ابن جرير (١) عن سكينة بنت حنظلة بن عبد الله بن حنظلة قالت : دخل علي أبو جعفر محمد بن علي وأنا في عدتي ، فقال : يا ابنة حنظلة أنا من علمت قرابتي من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وحق جدي عليّ ، وقدمي في الإسلام ، فقلت : غفر الله لك يا أبا جعفر! أتخطبني في عدتي ، وأنت يؤخذ عنك؟ فقال : أو قد فعلت؟ إنما أخبرتك بقرابتي برسول الله صلىاللهعليهوسلم وموضعي ، قد دخل رسول الله صلىاللهعليهوسلم على أمّ سلمة ، وكانت عند ابن عمها أبي سلمة فتوفّي عنها ، فلم يزل رسول الله صلىاللهعليهوسلم يذكر لها منزلته من الله ، وهو متحامل على يده حتى أثّر الحصير في يده من شدة تحامله على يده ، فما كانت تلك خطبة.
(أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ) أي سترتم ، وأضمرتم في أنفسكم ؛ فلم تذكروه تصريحا (عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَ) فاذكروهن ، ولكن لا تواعدوهنّ سرّا ، اختار ابن جرير (٢) أن السر هنا هو الزنى ، فالمعنى لا توعدوهنّ فاحشة ، وقيل : إنّ المراد به العقد ، والسرّ في الأصل يطلق على الوطء ، فأطلق على العقد الذي هو سببه.
(إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً) بالتعريض دون التصريح ، أي : لا تواعدوهنّ إلا لتقولوا قولا معروفا ، أي : لا تواعدوهنّ إلا بالتعريض.
(وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ) نهى عن العزم مبالغة في النهي عن عقد النكاح ، لأنه إذا نهى عن العزم على العقد ، كان عن العقد أشدّ نهيا ، وقيل : معناه لا تقطعوا عقد عقدة النكاح ، لأنّ العزم القطع (حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ) أي المكتوب والمفروض من العدّة.
(وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي أَنْفُسِكُمْ) من العزم على ما لا يجوز (فَاحْذَرُوهُ) بالكفّ
__________________
(١) في تفسيره جامع البيان المشهور بتفسير الطبري (٢ / ٣٢٢).
(٢) المرجع نفسه (٢ / ٣٢٥).