لا يكونون علماء ، ف «من» هنا : للتبعيض ، وهو تأويل الطبريّ (١) وغيره.
وذهب الزّجّاج (٢) وغير واحد ؛ إلى أنّ المعنى : ولتكونوا كلّكم أمة يدعون ، و «من» : لبيان الجنس ، ومعنى الآية على هذا : أمر الأمة بأن يدعوا جميع العالم إلى الخير ، فيدعون الكفّار إلى الإسلام ، والعصاة إلى الطاعة ، ويكون كلّ واحد في هذه الأمور على منزلته من العلم والقدرة ، وروى الليث بن سعد (٣) ، قال : حدّثني محمّد بن عجلان (٤) ، أنّ وافدا النّضريّ أخبره عن أنس بن مالك ، عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ أنّه قال : «ليؤتينّ برجال يوم القيامة ليسوا بأنبياء ، ولا شهداء ، يغبطهم الأنبياء والشّهداء ؛ لمنازلهم من الله ، يكونون على منابر من نور ، قالوا : ومن هم ، يا رسول الله؟ قال : هم الّذين يحبّبون الله إلى النّاس ، ويحبّبون النّاس إلى الله ، ويمشون في الأرض نصحا ، قلنا : يا رسول الله ، هذا يحبّبون الله إلى النّاس ، فكيف يحبّبون النّاس إلى الله؟! قال : يأمرونهم بالمعروف ، وينهونهم عن المنكر ، فإذا أطاعوهم ، أحبّهم الله تعالى» (٥) ا ه من «التذكرة» (٦) للقرطبيّ.
__________________
(١) ينظر : «تفسير الطبري» (٣ / ٣٨٥) بنحوه.
(٢) ينظر : «معاني القرآن» (١ / ٤٥٢)
(٣) ليث بن سعد بن عبد الرّحمن الفهمي ، مولاهم ، الإمام ، عالم «مصر» وفقيهها ورئيسها ، عن سعيد المقبري ، وعطاء ، ونافع ، وقتادة ، والزهري وصفوان بن سليم ، وخلائق. وعنه ابن عجلان ، وابن لهيعة ، وهشيم ، وابن المبارك ، والوليد بن مسلم ، وابن وهب ، وأمم. قال ابن بكير : هو أفقه من مالك. وقال محمد بن رمح : كان دخل الليث ثمانين ألف دينار ما وجبت عليه زكاة قط. وثقه أحمد وابن معين والناس. قال ابن بكير : ولد سنة أربع وتسعين ، وتوفي سنة خمس وسبعين ومائة.
ينظر : «خلاصة تهذيب الكمال» (٢ / ٣٧١)
(٤) محمد بن عجلان القرشي ، أبو عبد الله المدني ، أحد العلماء العاملين. عن أنس ، وأبي حازم ، والأعرج ، وعكرمة ، وطائفة. وعنه عبد الوهاب بن بخت ، ومنصور ، وشعبة ، والثوري ، ومالك ، وخلق. وثقه أحمد وابن معين. وذكره البخاري في الضعفاء. حمل به ثلاث سنين. توفي سنة ثمان وأربعين ومائة. روى له البخاري تعليقا ، ومسلم متابعة.
ينظر : «الخلاصة» (٢ / ٤٣٨) ، و «تهذيب الكمال» (٣ / ١٢٤٢) ، و «الكاشف» (٣ / ٧٧) ، و «تقريب التهذيب» (٢ / ١٩٠) ، و «لسان الميزان» (٧ / ٣٦٨)
(٥) أخرجه العقيلي (٤ / ٣٣١) ، وابن عدي في «الكامل» (٧ / ٩٢ ـ ٩٣) ، من طريق الليث بن سعد ، عن جابر بن يزيد ، عن سعيد بن أبي هلال.
وأسند العقيلي عن البخاري قوله : واقد بن سلامة النضري لم يصح حديثه.
وذكره العقيلي ، وابن الجارود في «الضعفاء» ، وقال الحافظ في «اللسان» : ضعفوه.
ينظر : «لسان الميزان» (٦ / ٢١٥)
(٦) ينظر : «التذكرة» للقرطبي (٢ / ٦٢٠)