الرّبيع بن خيثم (١) ، وقتادة ، والحسن ، قالت فرقة : نزلت الآية على عموم لفظها ؛ من لزوم غاية التقوى ؛ حتّى لا يقع الإخلال في شيء من الأشياء ، ثم نسخ ذلك ؛ بقوله تعالى : (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) [التغابن : ١٦] ، وبقوله : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) [البقرة : ٢٨٦] وقالت جماعة : لا نسخ هنا ، وإنّما المعنى : اتّقوا الله حقّ تقاته في ما استطعتم ، وهذا هو الصحيح ، وخرّج الترمذيّ ، عن ابن عبّاس ؛ أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم قرأ هذه الآية ، وهي : (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لو أنّ قطرة من الزّقّوم قطرت في الدّنيا ، لأفسدت على أهل الدّنيا معايشهم ، فكيف بمن يكون طعامه؟» قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح ، وخرّجه ابن ماجة أيضا (٢) ا ه.
وقوله تعالى : (وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) : معناه : دوموا على الإسلام ؛ حتّى يوافيكم الموت ، وأنتم عليه ، والحبل في هذه الآية مستعار ، قال ابن مسعود : حبل الله الجماعة ، وروى أنس بن مالك ، عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم ؛ أنه قال : «إنّ بني إسرائيل افترقوا على إحدى وسبعين فرقة ، وإنّ أمّتي ستفترق على اثنين وسبعين فرقة ، كلّها في النّار إلّا واحدة ،
__________________
(١) الرّبيع بن خيثم ، الثوري ، أبو يزيد الكوفي ، مخضرم ، عن ابن مسعود ، وأبي أيوب ، وعمرو بن ميمون ، وعنه الشعبي ، وإبراهيم النّخعي ، وأبو بردة ، قال له ابن مسعود : لو رآك النبي صلىاللهعليهوسلم لأحبّك ، توفي سنة أربع وستين ، وكان لا ينام الليل كله ، رحمهالله تعالى.
ينظر : «الخلاصة» (١ / ٣١٨ ـ ٣١٩) ، و «تهذيب الكمال» (١ / ٤٠٣) ، و «تهذيب التهذيب» (٣ / ٢٤٢) ، و «الكاشف» (١ / ٣٠٤) ، و «طبقات ابن سعد» (٦ / ١٠ ، ٩٦ ، ١١٨) ، و «سير الأعلام» (٤ / ٢٥٨) ، و «الثقات» (٤ / ٢٢٤)
(٢) أخرجه الترمذي (٤ / ٧٠٦ ـ ٧٠٧) ، كتاب «صفة جهنم» ، باب ما جاء في صفة شراب أهل النار ، حديث (٢٥٨٥). وابن ماجة (٢ / ١٤٤٦) ، كتاب «الزهد» ، باب صفة النار ، حديث (٤٣٢٥) ، والنسائي في «التفسير» (١ / ٣١٦) ، رقم (٩٠) ، وأحمد (١ / ٣٠١ ، ٣٣٨) ، والطيالسي (٢ / ١٦ ـ منحة) رقم (١٩٥) ، وابن حبان (٢٦١١ ـ موارد) ، والحاكم (٢ / ٢٩٤ ، ٤٥١ ـ ٤٥٢). والبيهقي في «البعث والنشور» رقم (٥٩٦) ، والطبراني في «الكبير» (١١ / ٦٨) ، رقم (١١٠٦٨) ، وفي «الصغير» (٢ / ٥١). كلهم من طريق شعبة ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس مرفوعا.
وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح.
وقال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٦٠). وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم ، وابن المنذر.
وقد جاء هذا الحديث موقوفا على ابن عباس : أخرجه أحمد (١ / ٣٣٨) ، وابن أبي شيبة (١٣ / ١٦١) رقم (١٥٩٩١). والبيهقي في «البعث والنشور» (٥٩٧) ، من طريق الأعمش ، عن أبي يحيى القتات ، عن ابن عباس موقوفا ، وأبو يحيى القتات ، قال الحافظ : ليّن الحديث.