والانفساد ، وأنتم شهداء : يريد جمع شاهد على ما في التوراة من صفة النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وصدقه ، وباقي الآية وعيد.
وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ ...) الآية : خطاب عامّ للمؤمنين ، والإشارة بذلك وقت نزوله إلى الأوس والخزرج بسبب نائرة شاس بن قيس.
قال ص : قوله تعالى : (يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ) ، ردّ : بمعنى صيّر ، فيتعدّى إلى مفعولين الأول : الكاف ، والثاني : الكافرين ؛ كقوله : [الوافر]
فردّ شعورهنّ السّود بيضا |
|
وردّ وجوههنّ البيض سودا (١) |
ا ه.
و (يَعْتَصِمْ) : معناه : يتمسّك ، وعصم الشّيء ، إذا منع وحمي ؛ ومنه : قوله : (يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ) [هود : ٤٣] وباقي الآية بيّن.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٠٢) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٠٣) وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(١٠٤)
وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ) ، قال ابن مسعود : «حقّ تقاته» : هو أن يطاع فلا يعصى ، وأن يذكر فلا ينسى ، وأن يشكر فلا يكفر (٢) ، وكذلك عبّر
__________________
(١) وقبله :
رمى الحدثان نسوة آل حرب |
|
بمقدار سهرن له سمودا |
وهو لعبد الله بن الزبير في ملحق ديوانه (ص ١٤٣ ـ ١٤٤) ؛ و «تخليص الشواهد» (ص ٤٤٣) ؛ و «شرح ديوان الحماسة» للمرزوقي (ص ٩٤١) ؛ و «المقاصد النحوية» (٢ / ٤١٧) ؛ ولأيمن بن خريم في ديوانه (ص ١٢٦) ؛ ولفضالة بن شريك في «عيون الأخبار» (٣ / ٧٦) ؛ و «معجم الشعراء» (ص ٣٠٩) ؛ وللكميت بن معروف في «ذيل الأمالي» (ص ١١٥) ؛ وبلا نسبة في «شرح الأشموني» (١ / ١٥٩) ؛ و «شرح ابن عقيل» (ص ٢١٧) ؛ و «لسان العرب» (٣ / ٢١٩)
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٣ / ٣٧٥) برقم (٧٥٣٤ : ٧٥٤١) ، وذكره البغوي في «معالم التنزيل» (١ / ٣٣٢ ـ ٣٣٣) ، وابن عطية (١ / ٤٨٣) ، والسيوطي في «الدر» (٢ / ١٠٥) ، وعزاه لابن المبارك في «الزهد» ، وعبد الرزاق ، والفريابي ، وعبد بن حميد ، وابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والنحاس في «الناسخ» ، والطبراني ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه.