يخاف عقوبته ، ومن حجّه لا يرجو ثوابه ، فهو ذلك» (١) ، وقال بمعنى هذا الحديث ابن عبّاس وغيره ، وقال السّدّيّ وجماعة من أهل العلم. معنى الآية : من كفر بأن وجد ما يحجّ به ، ثم لم يحجّ ، قال السّدّيّ : من كان بهذه الحال ، فهو كافر (٢) ، يعني : كفر معصية ، ولا شكّ أنّ من أنعم الله عليه بمال وصحّة ، ولم يحجّ ، فقد كفر النّعمة ، وقال ابن عمر وجماعة : معنى الآية : ومن كفر بالله واليوم الآخر ، قال الفخر (٣) : والأكثرون هم الذين حملوا الوعيد على من ترك اعتقاد وجوب الحجّ ، وقال الضّحّاك : لما نزلت آية الحجّ ، فأعلم النبيّ صلىاللهعليهوسلم بذلك أهل الملل ، وقال : «إنّ الله تعالى كتب عليكم الحجّ ، فحجّوا» ، فآمن به المسلمون وكفر غيرهم (٤) فنزلت الآية ، قال الفخر (٥) : وهذا هو الأقوى ، والله أعلم. ا ه.
ومعنى قوله تعالى : (غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) : الوعيد لمن كفر ، والقصد بالكلام : فإنّ الله غنيّ عنهم ، ولكن عمّم اللفظ ؛ ليبرع المعنى ، وتنتبه الفكر لقدرته سبحانه ، وعظيم سلطانه ، واستغنائه عن جميع خلقه لا ربّ سواه.
(قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَاللهُ شَهِيدٌ عَلى ما تَعْمَلُونَ (٩٨) قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَها عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَداءُ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٩٩) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ (١٠٠) وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ)(١٠١)
وقوله عزوجل : (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَاللهُ شَهِيدٌ عَلى ما تَعْمَلُونَ). هذه الآيات : توبيخ لليهود المعاصرين للنّبيّ صلىاللهعليهوسلم ، والكتاب : التوراة ، وآيات الله يحتمل أن يريد بها القرآن ، ويحتمل العلامات الظاهرة على يدي النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وقوله
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٣ / ٣٦٨) رقم (٧٥٠٩) ، عن أبي داود نفيع.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ١٠١) ، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد.
(٢) ذكره ابن عطية في «تفسيره» (١ / ٤٨٠)
(٣) ينظر : «مفاتيح الغيب» (٨ / ١٣٥)
(٤) أخرجه الطبري (٧ / ٤٩ ـ ٥٠) برقم (٧٥١٦) ، وسعيد بن منصور رقم (٥١٥). كلاهما من طريق جويبر عن الضحاك به.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ١٠١) ، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد ، وابن المنذر.
(٥) ينظر : «مفاتيح الغيب» (٨ / ١٣٥)