وقد ذكرنا / طرفا من آداب المصافحة في غير هذا الموضع ، فقف عليه ، واعمل به ، ترشد ، فإنّ العلم إنما يراد للعمل ، وبالله التوفيق.
وخصّ سبيل المجرمين بالذّكر ؛ لأنهم الذين آثروا ما تقدّم من الأقوال ، وهو أهمّ في هذا الموضع ؛ لأنها آيات ردّ عليهم.
وأيضا : فتبيين سبيلهم يتضمّن بيان سبيل المؤمنين ، وتأوّل ابن زيد ؛ أنّ قوله : (الْمُجْرِمِينَ) معنيّ به الآمرون بطرد الضّعفة (١).
وقوله سبحانه : (قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ قُلْ لا أَتَّبِعُ أَهْواءَكُمْ ...) الآية : أمر الله سبحانه نبيّه ـ عليهالسلام ـ ؛ أن يجاهرهم بالتبرّي ممّا هم فيه ، و (تَدْعُونَ) : معناه تعبدون ، ويحتمل أن يريد : تدعون في أموركم ، وذلك من معنى العبادة ، واعتقادهم الأصنام آلهة.
وقوله تعالى : (قُلْ إِنِّي عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي) : المعنى : قل إني على أمر بيّن ، (وَكَذَّبْتُمْ بِهِ) ، الضمير في «به» عائد على «بيّن» ، أو على الرّبّ ، وقيل : على القرآن ، وهو جليّ ، وقال بعض المفسّرين : الضمير في «به» الثاني عائد على «ما» ، والمراد بها الآيات المقترحة ؛ على ما قال بعض المفسّرين ، وقيل : المراد به العذاب ، وهو يترجّح من وجهين :
أحدهما : من جهة المعنى ؛ وذلك أنّ قوله : (وَكَذَّبْتُمْ بِهِ) يتضمّن أنّكم واقعتم ما تستوجبون به العذاب إلّا أنه ليس عندي.
والآخر : من جهة لفظ الاستعجال الذي لم يأت في القرآن إلّا للعذاب.
وأما اقتراحهم للآيات ، فلم يكن باستعجال.
وقوله : (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) ، أي : القضاء والإنفاذ ، و (يَقُصُّ الْحَقَ) ، أي : يخبر به والمعنى : يقصّ القصص الحقّ ، وقرأ حمزة (٢) والكسائيّ وغيرهما : «يقضي الحقّ» ، أي : ينفذه.
__________________
(١) أخرجه الطبري (٥ / ٢٠٧) رقم (١٣٣٠٢) بنحوه ، وذكره ابن عطية (٢ / ٢٩٨) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٢٧) ، وعزاه لابن جرير ، وابن أبي حاتم عن ابن زيد بنحوه.
(٢) ينظر : «الدر المصون» (٣ / ٧٧) ، «البحر المحيط» (٤ / ١٤٥) ، «حجة القراءات» ص (٢٥٤) ، «النشر» (٢ / ٢٥٨) ، «إتحاف فضلاء البشر» (٢ / ١٤) ، «الكشاف» (٢ / ٣٠) ، و «الحجة» (٣ / ٣١٨) ، و «السبعة» (٢٥٩) ، و «إعراب القراءات» (١ / ١٥٩) ، و «معاني القراءات» (١ / ٣٥٩) ، و «شرح الطيبة» (٤ / ٢٥٤) ، و «شرح شعلة» (٣٦٣) ، و «العنوان» (٩١)