قال الفخر (١) : قال الحسن : كلّ من عمل معصية ، فهو جاهل ، فقيل : المعنى أنه جاهل بمقدار ما فاته من الثّواب ، وما استحقّه من العقاب ، قلت : وأيضا فهو جاهل بقدر من عصاه. انتهى.
والإشارة بقوله تعالى : (وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ) ، إلى ما تقدّم من النهي عن طرد المؤمنين ، وبيان فساد منزع العارضين لذلك ، وتفضيل الآيات : تبيينها وشرحها وإظهارها ، قلت : ومما يناسب هذا المحلّ ذكر شيء ممّا ورد في فضل المصافحة ، وقد أسند أبو عمر في «التمهيد» ، عن عبد الرّحمن بن الأسود (٢) ، عن أبيه وعلقمة ؛ أنهما قالا : «من تمام التّحيّة المصافحة» ، وروى مالك في «الموطإ» ، عن عطاء الخراسانيّ ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «تصافحوا ؛ يذهب الغلّ ، وتهادوا ؛ تحابّوا ، وتذهب (٣) الشّحناء» ، قال أبو عمر في «التمهيد» : هذا الحديث يتّصل من وجوه شتّى حسان كلّها ، ثم أسند أبو عمر من طريق أبي داود وغيره ، عن البراء ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما من مسلمين يلتقيان ، فيتصافحان إلّا غفر لهما قبل أن يتفرّقا» (٤) ، ثم أسند أبو عمر عن البراء بن عازب ، قال :
«لقيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأخذ بيدي ، فقلت : يا رسول الله ، إن كنت لأحسب أنّ المصافحة للعجم فقال : نحن أحقّ بالمصافحة منهم ؛ ما من مسلمين يلتقيان ، فيأخذ أحدهما بيد صاحبه مودّة بينهما ، ونصيحة ، إلّا ألقيت ذنوبهما بينهما» (٥) ، وأسند أبو عمر عن عمر بن الخطّاب ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إذا التقى المسلمان ، فتصافحا ، أنزل الله عليهما مائة رحمة ؛ تسعون منها للّذي بدأ بالمصافحة ، وعشرة للّذي صوفح ، وكان أحبّهما إلى الله أحسنهما بشرا بصاحبه» (٦). انتهى.
__________________
(١) ينظر : «مفاتيح الغيب» (١٣ / ٥)
(٢) عبد الرّحمن بن الأسود بن يزيد النّخعي أبو حفص الفقيه. عن أبيه وعائشة. وعنه : الأعمش ، وأبو إسحاق الشّيباني. وثقه ابن معين. حج ثمانين حجة ، واعتمر ثمانين عمرة. مات سنة ثمان وتسعين.
ينظر : «الخلاصة» (٢ / ١٢٥)
(٣) أخرجه مالك في «الموطأ» (٢ / ٩٠٨) كتاب «حسن الخلق» ، باب ما جاء في المهاجرة ، حديث (١٦) عن عطاء مرسلا.
(٤) تقدم تخريجه.
(٥) ذكره الهندي في «كنز العمال» (٩ / ١٣٤ ـ ١٣٥) رقم (٢٥٣٦٨) ، وعزاه للروياني ، وابن أبي الدنيا في كتاب «الإخوان» ، والضياء المقدسي في «المختارة».
(٦) ذكره الهندي في «كنز العمال» (٩ / ١١٤) رقم (٢٥٢٤٥) ، وعزاه للحكيم الترمذي ، وأبي الشيخ عن عمر.