وقرأ عاصم (١) ، وابن عامر أنّه ـ بفتح الهمزة في الأولى ـ والثانية «فأنّه» : الأولى بدل من (الرَّحْمَةَ) ، و «أنّه» الثانية : خبر ابتداء مضمر ، تقديره : فأمره أنّه عفور رحيم ، هذا مذهب سيبويه ، وقرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وحمزة ، والكسائي «إنّه» ـ بكسر الهمزة في الأولى والثانية ـ ، وقرأ نافع بفتح الأولى وكسر الثانية ، والجهالة في هذا الموضع : تعمّ التي تضادّ العلم ، والتي تشبّه بها ؛ وذلك أنّ المتعمّد لفعل الشيء الذي قد نهي عنه تسمّى معصيته تلك جهالة ، قال مجاهد : من الجهالة ألّا يعلم حلالا من حرام (٢) ، ومن جهالته أن يركّب الأمر.
قلت : أي : يتعمّده ، ومن الجهالة الّتي لا تضادّ العلم قوله صلىاللهعليهوسلم في استعاذته : «أو أجهل أو يجهل عليّ» (٣) ؛ ومنها قول الشّاعر : [الوافر]
ألا لا يجهلن أحد علينا |
|
فنجهل فوق جهل الجاهلينا (٤) |
__________________
ـ «الأسماء والصفات» ص (٤٨١) من طرق عن الأعمش ، عن أبي ظبيان عنه قال : أول ما خلق الله عزوجل القلم ، فقال له : اكتب ، فقال : يا رب ، ما أكتب؟ قال : اكتب القدر ، فجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة .....
وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
وله طرق أخرى عند الطبري (٣٤٥٣٨) ، والحاكم (٢ / ٤٥٣ ـ ٤٥٤) وصححه الحاكم ، ووافقه الذهبي.
وذكره السيوطي في «الدر» (٦ / ٣٨٧) وزاد نسبته لعبد الرزاق ، والفريابي ، وسعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن مردويه ، وابن أبي حاتم ، والخطيب في «تاريخه» ، والضياء في «المختارة».
وأما حديث ابن عمر فرواه ابن أبي عاصم (١٠٦) ، والآجري في «الشريعة» (ص ١٧٥) عن بقية ، حدثني أرطاة بن المنذر ، عن مجاهد بن جبير عنه مرفوعا به.
وأما حديث أبي هريرة فرواه الحكيم الترمذي كما في «الدر المنثور» (٦ / ٣٨٨)
(١) ينظر : «الدر المصون» (٣ / ٦٨) ، «البحر المحيط» (٤ / ١٣٩) ، «حجة القراءات» ص (٢٥١) ، «النشر» (٢ / ٢٥٨) ، «إتحاف فضلاء البشر» (٢ / ١٢ ـ ١٣) ، و «إعراب القراءات» (١ / ١٥٧) ، و «شرح شعلة» (٣٦٢ ، ٣٦٣) ، و «العنوان» (٩١) ، و «شرح الطيبة» (٤ / ٢٥٣)
(٢) أخرجه الطبري (٥ / ٢٠٧) رقم (١٣٢٩٧) بنحوه ، وذكره البغوي (٢ / ١٠٠) بنحوه ، وذكره ابن عطية (٢ / ٢٩٧)
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) البيت لعمرو بن كلثوم بن مالك بن عتاب من بني تغلب أبو الأسود ، وهو من معلقته المشهورة. ومعناه : نهلكه ونعاقبه بما هو أعظم من جهله ، فنسب الجهل إلى نفسه ، وهو يريد الإهلاك والمعاقبة ليزدوج اللفظتان ، فتكون الثانية على مثل لفظة الأولى ، وهي تخالفها في المعنى ؛ لأن ذلك أخف عن اللسان وأحضر من اختلافهما.
ينظر : «شرح القصائد العشر» للتبريزي (٢٨٨) ، وينظر «البحر المحيط» (١ / ١٨٦) ، و «الدر المصون» (١ / ١٢٦)