والأظهر أنّ قوله : (كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ) إنما هو إشارة إلى التحريم الحاجز بين الناس ، وبين ما كانت الجاهلية تفعله.
قال الفخر (١) : و (كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ) : مصدر من غير لفظ الفعل ، قال الزّجّاج : ويجوز أن يكون منصوبا على جهة الأمر ، ويكون (عَلَيْكُمْ) خبرا له ، فيكون المعنى : الزموا كتاب الله. انتهى.
وفي «التمهيد» لأبي عمر بن عبد البرّ : (كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ) : أي : حكمه فيكم وقضاؤه عليكم. انتهى.
وقوله سبحانه : (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ) ، قال عطاء وغيره : المعنى : وأحلّ لكم ما وراء من حرّم (٢) ، قلت : أي : على ما علم تفصيله من الشريعة.
قال ع (٣) : و (أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ) : لفظ يجمع / التزوّج والشراء ، و (مُحْصِنِينَ) : معناه : متعفّفين ، أي : تحصنون أنفسكم بذلك ، (غَيْرَ مُسافِحِينَ) ، أي : غير زناة ، والسّفاح : الزنا.
وقوله سبحانه : (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) ، قال ابن عبّاس وغيره : المعنى : فإذا استمتعتم بالزوجة ، ووقع الوطء ، ولو مرّة ، فقد وجب إعطاء الأجر ، وهو المهر (٤) كلّه ، وقال ابن عبّاس أيضا وغيره : إن الآية نزلت في نكاح (٥) ...
__________________
ـ (١ / ٤٧٤) بنحوه ، والسيوطي (٢ / ٢٤٩) بنحوه ، وعزاه لعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم.
(١) ينظر : «تفسير الرازي» (١٠ / ٣٥)
(٢) أخرجه الطبري (٤ / ١٢) برقم (٩٠٢٤) ، وذكره ابن عطية (٢ / ٣٦) ، وابن كثير (١ / ٤٧٤) ، والسيوطي (٢ / ٢٤٩) ، وعزاه لابن جرير عن عطاء.
(٣) ينظر : «المحرر الوجيز» (٢ / ٣٦)
(٤) أخرجه الطبري (٤ / ١٣) برقم (٩٠٢٩) ، وذكره ابن عطية (٢ / ٣٦) ، والسيوطي (٢ / ٢٥٠) بنحوه ، وعزاه لابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والنحاس في «ناسخه» عن ابن عباس.
(٥) أصل المتعة في اللغة : الانتفاع ، يقال : تمتعت بكذا ، واستمتعت بمعنى ، والاسم المتعة. قال الجوهري : ومنه : متعة النكاح ، ومتعة الطلاق ، ومتعة الحج ؛ لأنه انتفاع ، والمراد بالمتعة هنا أن يتزوج الرجل المرأة مدة من الزمن ، سواء أكانت المدة معلومة مثل أن يقول : زوجتك ابنتي مثلا شهرا. أو مجهولة ، مثل أن يقول : زوجتك ابنتي إلى قدوم زيد الغائب ، فإذا انقضت المدة ، فقد بطل حكم النكاح ، وإنما سمى النكاح لأجل بذلك ؛ لانتفاعها بما يعطيها ، وانتفاعه بقضاء شهوته ، فكان الغرض منها مجرد التمتع دون التوالد وغيره من أغراض النكاح. ـ