وقوله تعالى : (فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ) : أمر من الله تعالى بالتحرّز والحزم ، وهذا هو الأصل في الإشهاد في المدفوعات كلّها ؛ إذا كان حبسها أوّلا معروفا.
قال ع (١) : والأظهر أنّ (حَسِيباً) هنا : معناه : حاسبا أعمالكم ، ومجازيا بها ، ففي هذا وعيد لكلّ جاحد حقّ.
وقوله سبحانه : (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ ...) الآية : قال قتادة وغيره : سبب نزول هذه الآية أنّ العرب كان منها من لا يورّث النساء ، ويقولون : لا يرث إلّا من طاعن بالرّمح ، وقاتل بالسّيف (٢).
(وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً)(٨)
وقوله تعالى : (وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى ...) الآية : اختلف فيمن خوطب بهذه الآية ، فقيل : الخطاب للوارثين ، وقيل : للمحتضرين ؛ والمعنى : إذا حضركم الموت ، أيّها المؤمنون ، وقسمتم أموالكم بالوصيّة ، وحضركم من لا يرث من ذوي القرابة ، واليتامى ، فارزقوهم منه ؛ قاله ابن عبّاس وغيره (٣).
واختلف ، هل هي منسوخة بآية المواريث ، أو هي محكمة؟ وعلى أنّها محكمة ، فهل الأمر على الوجوب ، فيعطى لهم ما خفّ ، أو على النّدب؟ خلاف.
والضمير في قوله : (فَارْزُقُوهُمْ) ، وفي قوله : (لَهُمْ) : عائد على الأصناف الثلاثة ، والقول المعروف : كلّ ما يتأنّس به ؛ من دعاء ، أو عدة ، أو غير ذلك.
(وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً)(٩)
وقوله تعالى : (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ...) الآية : اختلف ، من المراد
__________________
(١) ينظر : «المحرر» (٢ / ١٢)
(٢) أخرجه الطبري (٣ / ٦٠٤) برقم (٨٦٥٧) ، وذكره البغوي في «معالم التنزيل» (١ / ٣٩٦) ، وابن عطية في «المحرر الوجيز» (٢ / ١٢)
(٣) أخرجه الطبري (٣ / ٦٠٨) برقم (٨٦٨٩) ، وذكره ابن عطية في «المحرر الوجيز» (٢ / ١٣) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٢١٩) ، وعزاه لابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والنحاس في «ناسخه» عن ابن عباس.