واصبر أيها الرسول على أذى قومك ، ولا تبال بهم ، وتابع تبليغ رسالتك وإنذارك ، وانتظار وعد الله بنصرك عليهم ، فكل ما يحكم به الله ويقدّر هو خير ورحمة ، فإنك في حراستنا وحفظنا وحمايتنا ، والله عاصمك ومؤيدك ، ونزّه الله عما لا يليق به ، لإنعامه عليك ، تنزيها مصحوبا بالحمد ، حين تقوم من منامك أو من مجلسك وغيرهم ، وحين تقعد ، وفي كل تصرّفك ، وحين تقوم للصلاة ، فتقول : «سبحان الله وبحمده» وقوله : (فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا) معناه بإدراكنا وحفظنا وحيطتنا ، وهذه الآية ينبغي أن يقدرها كل مؤمن في نفسه ، فإنها تفسح مضايق الدنيا.
والتسبيح والتحميد مرغب فيه في كل وقت ، ومنه أداء الصلوات المفروضة ، ومنه ما بعد النوم ، لما رواه أحمد والبخاري وأصحاب السنن عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «من تعارّ من الليل (١) ، فقال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير. سبحان الله والحمد لله ، ولا إله إلا الله والله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، ثم قال : رب اغفر لي ، أو قال : ثم دعا ، استجيب له ، فإن عزم فتوضأ ، ثم صلّى ، قبلت صلاته».
وأخرج أبو داود والنسائي والحاكم وابن مردويه وابن أبي شيبة ، عن أبي برزة الأسلمي قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول بآخر عمره إذا أراد أن يقوم من المجلس : «سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك».
والتسبيح دائم ليلا ونهارا لقوله تعالى : (وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبارَ النُّجُومِ) (٤٩) أي وإذا قمت من نومك ، فسبّحه ، واذكره واعبده في بعض الليل ، وفي آخر الليل حين غروب النجوم ، لأن العبادة حينئذ أشق على النفس ، وأبعد عن الرياء ، قال الرازي : والظاهر أن المراد من (وَإِدْبارَ النُّجُومِ) وقت الصبح حين يدبر النجم ،
__________________
(١) هب من نومه مع صوت.