المعنى : إذا تليت آيات القرآن الواضحة على المشركين ، وصفوا الحق الذي أتاهم وهو القرآن بأنه سحر واضح ، وتمويه كاذب ، أي إنهم كفروا وافتروا وكذّبوا.
بل إنهم يقولون : افترى محمد القرآن ، واختلقه من عند نفسه ، كذبا على الله ، فقل أيها الرسول لهم : لو افتريته وكذبت على الله ، على سبيل الافتراض ، لعاقبني الله تعالى أشد العقاب ، ولا تملكون أن تعملوا لي شيئا ، أو تسعفوني وتنقذوني. والله أعلم بما تقولون في القرآن وتخوضون فيه ، من تكذيبه ، ووصفه بالسحر والكهانة ، كفى بالله شاهدا صادقا يشهد لي : بأن القرآن من عند الله ، وبتبليغه إياكم ، ومع هذا فالله غفور لمن تاب وآمن ، وصدق بالقرآن وعمل به ، وهو رحيم به ، حيث لا يعاقبه على ما سبق منه ، وفي هذا جمع بين الوعيد والترهيب ، والترغيب لهم في التوبة والإنابة.
وقل لهم أيها الرسول على اقتراح المعجزات : لست بأول رسول في العالم ، ولا مبتدعا شيئا لا مثيل له ، بل هناك رسل كثيرون قبلي ، ولا أعلم ما يفعل بي ولا بكم في المستقبل ، وإنما أتبع الوحي الذي أنزله الله علي في القرآن والسنة ، ولا أبتدع شيئا من عندي ، ولست إلا نذيرا لكم ، أنذركم عقاب الله وأخوّفكم عذابه ، وأوضح ما جاء من عند الله عزوجل.
ثم أكد الله خسارة المشركين ، فقل أيها الرسول لهم : أخبروني إن كان هذا القرآن من عند الله في الحقيقة ، ثم كفرتم به ، وشهد شاهد من بني إسرائيل ، العالمين بالتوراة على صحته وعلى ما قلت ، فآمن هذا الشاهد : وهو عبد الله بن سلام الذي أسلم بعد الهجرة ، ثم تكبرتم عن الإيمان به ، فقد ظلمتم أنفسكم ، والله لا يوفق الظالمين إلى الخير.
أخرج البخاري ومسلم عن سعد بن أبي وقاص قال : في عبد الله بن سلام نزلت