رجلين كالإنسان والطير ، ومنها ما يمشي على أربع كالأنعام ، والله سبحانه يخلق بقدرته ما يشاء ، إن الله قادر على خلق كل شيء ، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
وقوله تعالى : (فَمِنْهُمْ مَنْ) تذكير الضمير لتغليب العقلاء ، وبنى على تغليبهم في الضمير التعبير ب «من» الواقعة على من يعقل. وظاهر بعض العبارات يشعر باعتبار التغليب في «كل دابة» وليس بمراد ، بل المراد أن ذلك لما شمل العقلاء وغيرهم على طريق الاختلاط ، لزم اعتبار ذلك في الضمير العائد عليه وتغليب العقلاء فيه. (١)
ثم عقب الله تعالى على خلقه الأشياء بأنه سبحانه أنزل في القرآن آيات مفصلات ، واضحات دالة على وجود الخالق المدبر للكون ، وهي كل ما نصب الله تعالى من آية وصنعة للعبرة ، وفي كل آية تنبيه وتذكير ، والله يرشد إلى تفهم الآيات وتعقلها جميع أولي الألباب والبصائر ، ويدلهم إلى الطريق القويم الذي لا اعوجاج فيه.
وقوله تعالى : (وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ ..) نزلت في بعض المنافقين في بشر المنافق الذي أبى أن يحتكم لرسول الله في أرض ، وأراد الاحتكام لكعب بن الأشرف ، وخصمه اليهودي جعل يجرّه إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليحكم بينهما.
والمعنى : يقول المنافقون أمام الناس : صدقنا بالله ربا ، وبمحمد رسولا ، وأطعنا الله فيما قضى ، والرسول فيما حكم به ، ثم يعرض فريق منهم عن قبول حكمه ، فيناقض قولهم عملهم ، وهم في الواقع ليسوا من المؤمنين ، وإذا طلبوا إلى تحكيم كتاب الله واتباعه هديه ، وإلى الرسول ليحكم بينهم في خصوماتهم ، أعرضوا عن قبول حكم الله والرسول ، واستكبروا عن اتباع حكمه ، وهذا يدلنا على أن حكم الرسول صلىاللهعليهوسلم هو حكم الله القائم على الحق.
__________________
(١) تفسير الألوسي ١٨ / ١٩٣.