غرقت ، وثلاثة بنين : سام وحام ويافث ، وثلاث نسوة لهم ، واثنان وسبعون إنسانا ، فكل الخلائق نسل من كان في السفينة.
ثم أمر الله تعالى نوحا أن يدعو ربه بعد خروجه من السفينة ، دعاء مقرونا بالثناء والشكر ، وهو : (رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ) أي وقل عند النزول من السفينة : ربّ أنزلني إنزالا مباركا أو مكانا مباركا ، يبارك لي فيه ، وأعطى الزيادة في خير الدارين ، وأنت خير من أنزل عباده المنازل الطيبة ، لأنك تحفظ من أنزلته في سائر أحواله ، وتدفع عنه المكاره ، وتزلل له الصعاب.
إن في هذا الصنيع : وهو إنجاء المؤمنين ، وإهلاك الكافرين ، لدلالات نيرات واضحات على صدق الأنبياء ، فيما جاؤوا به عن الله تعالى ، وإن كنا لمختبرين عبادنا بهذه الآيات البينة ، لننظر من يعتبر ويتعظ. وهذا خطاب لمحمد صلىاللهعليهوسلم مدلوله : إن فيما جرى على هذه الأمم لعبرا ، أو دلائل لمن له نظر وعقل. ثم أخبر الله تعالى أنه يبتلي عباده زمنا بعد آخر ، على جهة الوعيد لكفار قريش بهذا الإخبار. وقوله تعالى : «مبتلين» معناه مصيبين ببلاء ، ومختبرين اختبارا يؤدي إلى ذلك.
دعوة هود عليهالسلام إلى التوحيد
لم تقتصر المأساة على قوم نوح وإغراقهم بالطوفان ، وإنما تكررت في قوم آخرين هم عاد قوم هود عليهالسلام ، دعاهم هود كنوح إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، وحذّرهم وأنذرهم ، ورغبهم في الاستقامة والتقوى. فعاداه الأشراف والكبراء والسادة ، واستصغروه ورأوا مثل قوم نوح تماما أن هودا عليهالسلام مجرد بشر ، مثل غيره من الناس ، وشأن النبي أو الرسول في زعمهم أن يكون من الملائكة فإن أطاعوا بشرا مثلهم ، كانوا من أهل الضياع والخسران ، وهذا ما ذكرته الآيات الآتية :