من أجل إنجاء نوح عليهالسلام ومن آمن معه ، أمره الله أن يصنع السفينة بحفظ الله ورعايته ، وتعليمه وإرشاده ، فكان جبريل عليهالسلام يقول له : اصنع كذا وكذا ، لجميع عمل السفينة ، وما يحتاج إليه ، فاستجنّ الكفار نوحا لادعاء النبوة ، وسخروا منه لعمله السفينة على غير العادة الجارية ، أو لكونها أول سفينة ، فقوله تعالى : (بِأَعْيُنِنا) يراد به الإدراك.
فإذا جاء أمرنا ، أي حان وقت قضائنا بالعذاب والهلاك ، ونبع الماء من تنور الخبز ، الذي جعل أمارة كانت بين الله تبارك وتعالى وبين نوح عليهالسلام ، فاحمل في السفينة زوجين مزدوجين : ذكر وأنثى من كل صنف من الحيوان والنبات والثمر وغير ذلك ، واحمل فيها أيضا أهل بيتك ، وكل من آمن معك ، إلا من سبق عليه القول من الله بالهلاك : وهم الذين لم يؤمنوا به من أهله ، كابنه وزوجته ، وهو كنعان وأمه. فقوله تعالى : (فَإِذا جاءَ أَمْرُنا) أي إهلاكنا للكفرة. وقوله : (فَاسْلُكْ) معناه : فأدخل.
وقوله : (مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ) الزوجان : كل ما شأنه الاصطحاب من كل شيء ، كالذكر والأنثى من الحيوان والنّعال وغير ذلك ، والمراد به في الحساب العددي : الاثنان.
ثم نهى الله تعالى نوحا عن الاسترحام بقوله : (وَلا تُخاطِبْنِي ..) أي ولا تسألني ، ولا تتشفع في الذين كفروا ، ولا ترأف في قومك ، فإني قضيت أنهم مغرقون ، بسبب كفرهم وطغيانهم.
فإذا استقرّ بك وبمن معك من المؤمنين المقام في السفينة ، فقل معهم : الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين ، أي أنقذنا من هؤلاء الكافرين المشركين الظلمة ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : كان في السفينة ثمانون إنسانا ، نوح وامرأته سوى التي