وقته. والموعد : وقت العذاب. والمراد : إنا عجلنا هلاكهم ، ومع ذلك حددنا له وقتا ، رجاء أن يتوبوا.
هذه الآيات الكريمة تتضمن علاقة الإنسان بربه ، فهي علاقة ودّ ، ومغفرة ، ورحمة إن أحسنوا العمل ، وآمنوا بالله ورسوله وكتبه واليوم الآخر ، وكذا إن تلكؤوا عن الإيمان ، فيمهلهم الله ، وإن الله يمهل ولا يهمل.
والعقاب مبدؤه وغايته : الإصلاح والهداية ، والناس هم الظلمة لأنفسهم إذا عطّلوا وسائل الإيمان والهداية والمعرفة ، فلم تتفتح قلوبهم لنور الهداية القرآنية ، وأصاخوا السمع والأذن لآيات الله الكونية والحياتية.
والدليل من التاريخ : واقع وملموس ، فقد أهلك الله أهل المدن الظالمة الذين لم يستجيبوا لدعوة الرسل ، واقتضت الرحمة الإلهية إمهالهم لموعد معين ، حتى يؤمنوا ، وذلك منتهى العدل والفضل الإلهي.
لقاء موسى عليهالسلام مع الخضر العبد الصالح
في التاريخ عجائب الحوادث والقصص ، ومن هذه العجائب : قصة موسى عليهالسلام مع الخضر العبد الصالح ، التي تعلّمنا كيف يتعلم الأكبر والأعلم من الأصغر والأقل منه رتبة ، فإن موسى عليهالسلام كليم الله ، مع كثرة علمه وعمله ، أمره الله أن يصحب العبد الصالح وهو الخضر ، في رحلة استطلاعية وجولة ميدانية ، تدل على أن التواضع خير من العجب والكبر. وهذه هي بداية القصة في الآيات التالية :
(وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً (١) (٢)
__________________
(١) ملتقاهما.
(٢) الحقب : جمع حقبة ، وهي زمان من الدهر غير محدود ، أي أسير زمانا طويلا.