وإن دعوت أيها النبي هؤلاء المشركين إلى دعوة الحق والهداية والاستقامة ، فلن تجد لهم استجابة ، ولن يهتدوا بهدايتك : هدي القرآن ، أبدا ، مهما قدّمت من الأدلة ، وتأملت الخير منهم. وجعل الأغطية أو الأكنة على القلوب ، وصمّ الآذان عن السماع ، والبكم من غير نطق بالحق ، كلها استعارات تعبر عن بعد الناس عن الهداية.
وذلك كله لفقدهم الاستعداد لقبول الإيمان والرشاد ، بما أصروا عليه من الكفر والعصيان.
ومهما بغى أهل الكفر وتنكبوا طريق الهداية ، فإن الله تعالى غفار ستار ، ذو رحمة واسعة ، لو يؤاخذ الناس فورا على ما اقترفوا من الخطايا والسيئات ، لعجل لهم العذاب في الدنيا ، على حسب أعمالهم ، كما جاء في آية أخرى : (وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ) [فاطر : ٣٥ / ٤٥]. ويختص الله المؤمنين بالمغفرة والرحمة ، لأنه تعالى الغفور ذو الرحمة ، والغفران والرحمة بترك معاجلة العقاب.
وإذا اقتضت الحكمة الإلهية عدم التعجيل بالعقوبة ، فذلك لا يعني الإعفاء من العقاب ، فإن الله تعالى جعل للعذاب موعدا حدده وهو إما يوم القيامة ، وإما يوم العذاب الشديد من ألوان عذاب الدنيا كالحروب والصواعق والزلازل والبراكين والسموم القاتلة والأمراض الفتاكة وغير ذلك.
وتلك القرى أو المدن البائدة وأهلها مثل عاد وثمود ومدين وقوم لوط ، أهلكهم الله لما ظلموا وكفروا وعاندوا ، وجعل لهلاكهم موعدا لا محيد عنه ، ومدة معلومة لا تزيد ولا تنقص ، لن يجدوا عنه ملجأ أو منجى ، وكذلك أنتم أيها المشركون احذروا ما أصابهم ، فقد كذبتم رسولكم ، ولستم بأعز علينا منهم ، والمهلك : الإهلاك أو