بتربيتهما لي في حال الصغر. وهذا التذكير بتربية الصغر مما يزيد الإنسان إشفاقا وحنانا عليهما.
ثم حذر الله تعالى من التهاون في بر الوالدين ، فقال : (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما فِي نُفُوسِكُمْ) أي إن المطلوب من الولد هو البر ظاهرا وباطنا ، حقيقة وفعلا ، لا رياء ومجاملة ظاهرية ، والعبرة بما في القلب من الإخلاص في الطاعة ، لأن الله مطلع على ما في النفوس ، وهو سبحانه أعلم بأحوال الولد في البر ، والوعد للأولاد بغفران الذنوب في حال البر : مشروط بشرط الصلاح والرجوع (أو الأوبة) إلى طاعة الله ، فإنه سبحانه كثير المغفرة للتائبين الراجعين إلى الخير ، العادلين عن المعصية إلى الطاعة ، وإلى ما يحبه الله ويرضاه ، والمقصود من الآية : التحذير من ترك الإخلاص.
منهاج الإنفاق
على القرابة والمحتاجين والأسرة
الإسلام دين التوسط والرحمة والاعتدال في النفقة على النفس والقريب والأهل والمحتاجين ، فلا يصح البخل والتقتير ، ولا الإسراف والتبذير ، وليعتمد الإنسان على رزق الله الذي لا ينقطع ولا ينفد ، وليتكل على الله الذي لا يضيع أحدا من خلقه وعباده ، إذا أحسنوا العمل وقاموا بالكسب والسعي ، ولم يعطلوا مواهبهم في الإنتاج والبحث واكتشاف خزائن الأرض ، والإفادة من خيرات السماء ، قال الله عزوجل مبينا دستور الإنفاق على القرابة والمحتاجين والأهل جميعا :
(وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً (٢٦) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ وَكانَ الشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً (٢٧) وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها