وإذا بلغ الوالدان أو أحدهما سن الكبر ، أو صارا في حال ضعف وعجز ، فعلى الولد واجبات خمسة ، وهي :
أولا ـ ألا تقول لهما أفّ : وهي كلمة تضجر وتبرم ، فلا تسمعهما أدنى مراتب القول السيئ ، بتوجيه كلمة إيذاء مكونة من حرفين ، تدل على التضجر والمضايقة فتلك الكلمة الصغيرة ذات إساءة بالغة ، حتى ولو صدر منهما ما يضايق.
ثانيا ـ لا تنهرهما بفعل قبيح ، والنّهر : الزجر والغلطة ، والانتهار : إظهار الغضب في الصوت واللفظ ، أما التأفف فهو الكلام الرديء الخفي ، ويراد به المنع من إظهار الضجر ، وأما الانتهار فيراد به المنع من إظهار المخالفة في القول ، بالردّ أو التكذيب.
ثالثا ـ وقل لهما قولا كريما ، والقول الكريم : الجامع للمحاسن ، من اللّين وجودة المعنى ، والتوقير والتعظيم والحياء ، ويلاحظ أن الله تعالى قدم النهي عن المؤذي ، ثم أمر بالقول الحسن والكلام الطيب.
رابعا ـ وتواضع لهما بفعلك ، وألن الجانب لهما ، وقف معهما موقف الخاشع المتذلل ، كحال الطائر إذا ضم إليه فرخه ، فيخفض له جناحه ، وينبغي بحكم هذه الآية أن يجعل الإنسان نفسه مع أبويه في حال ذلّة ، في أقواله وسكناته ونظره ، من غير حملة أو نظرة غاضب ، رحمة بهما وشفقة عليهما ، تنبع تلك الرحمة من النفس ، لا من أجل امتثال الأمر ، وخوف العار والنقد فقط.
خامسا واطلب لهما الرحمة من الله في حال الكبر بعد الوفاة. وهذا الأدب الخامس دليل على أن بر الوالدين لا يكون بالأقوال فقط ، بل بالأفعال أيضا ، وهو الدعاء لهما بالرحمة الجامعة لكل الخيرات في الدين والدنيا ، وليقل الولد في دعائه : (رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً) أي أفض عليهما فيض الرحمات ، كالرحمة التي شملتني