وستردون أيها الناس جميعا يوم القيامة إلى الله الذي يعلم سرائركم وعلانيتكم ، يعلم الغائب والحاضر ، والباطن والظاهر ، فيعرّفكم أعمالكم ، ثم يجازيكم عليها ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر ، وهذا كلام بليغ يتضمن الترغيب والترهيب.
قصة الذين خلّفوا وتأخروا عن التوبة
الناس في مجال العلاقة مع الله ثلاثة أصناف : صنف متمرد ، مكابر معاند لا يؤمن ولا يتوب ، وصنف آخر يخطئ ثم يتوب إلى ربه ، وصنف ثالث متحير محايد ، مؤمن بالله تعالى ، لكنه لا يظهر التوبة عن خطئه ، ولا يحاول إصلاح نفسه ، ولكل امرئ شأنه وحريته ، وسيلقى كل إنسان جزاء ما قدم ، وهكذا كان المتخلفون عن غزوة تبوك أصنافا ثلاثة :
١ ـ المنافقون الذين مردوا على النفاق ، وهم أكثر المتخلفين ، وجزاؤهم النار.
٢ ـ التائبون المؤمنون الذين اعترفوا بذنوبهم وتابوا ، فتاب الله عليهم ، وهم الذين ربطوا أنفسهم بالسواري سبعة أيام ، وهم أبو لبابة الأنصاري وأصحابه ، فنزلت توبتهم من السماء ورضي الله عنهم.
٣ ـ الذين بقوا متوقفين ، وهم المؤمنون الحيارى في أمرهم ، فلم يعتذروا إلى النبي صلىاللهعليهوسلم عن تخلفهم ، وأرجؤوا توبتهم ، فأرجأ الله الحكم في أمرهم ، فتوقف أمرهم خمسين ليلة ، وهجرهم الناس ، حتى نزلت توبتهم بعد ، وهم الثلاثة المذكورون في هذه الآية من سورة التوبة التي نزلت فيهم ، وهي قوله سبحانه :
(وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ) [التوبة : ٩ / ١١٨] وتقدمت آية أخرى في شأنهم وهي موضوع البحث هنا وهي :