لدعائك سماع قبول وإجابة ، عليم بما في ضمائرهم وإخلاصهم في توبتهم وصدقاتهم ، وبما فيه الخير والمصلحة لهم.
ألم يعلم أولئك التائبون وجميع المؤمنين أن الله هو الذي يقبل التوبة عن عباده ، ويتجاوز عن سيئاتهم ، ويأخذ الصدقات ، أي يقبلها ويثيب عليها ويضاعف أجرها ، كما جاء في آية أخرى : (إِنْ تُقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ) [التغابن : ٦٤ / ١٧].
وألم يعلموا أيضا أن الله هو التواب الذي من شأنه قبول توبة التائبين والتفضل عليهم ، وهو الرحيم بعباده التائبين بإثابتهم على أعمالهم الصالحة ، كما هو مبين في قوله تعالى : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى (٨٢)) [طه : ٢٠ / ٨٢].
والتوبة مفيدة جدا في تجديد همة النفس والعهد ومحو الذنب ، والتخلص من أوزار الماضي والشعور بالارتياح من تعذيب الضمير ومساوئ الذنب.
وقل أيها الرسول لهؤلاء التائبين وغيرهم : اعملوا العمل الصالح ، فإن عملكم لا يخفى على الله وعباده ، خيرا كان أو شرا ، فالعمل أساس السعادة ، وطريق الأمن والراحة وعزة النفس ، وسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون باطلاعه إياهم على أعمالكم. وهذا وعيد للمذنبين ، وتحذير من عاقبة الإصرار على الذنب ، والذهول عن التوبة ، وليعلم كل العصاة ومخالفوا أوامر الله بأن أعمالهم ستعرض على الله تعالى وعلى الرسول وعلى المؤمنين ، وذلك لا محالة في يوم القيامة ، كما قال تعالى : (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ (١٨)) [الحاقة : ٦٩ / ١٨] قال جابر بن عبد الله فيما رواه الطبراني وغيره : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن أعمالكم تعرض على أقربائكم وعشائركم في قبورهم ، فإن كان خيرا استبشروا به ، وإن كان غير ذلك قالوا : اللهم ألهمهم أن يعملوا بطاعتك».