(لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً) أي فعل الله كل ذلك ليمهد للحرب ، فتكون سبيلا في علمه تعالى لنصرة المؤمنين وإعزاز الإسلام ، وهزيمة الكافرين وإذلال الكفر والشرك ، ثم إلى الله مصير الأمور ومردها.
آداب القتال وقواعده
يتطلب القتال التقيد بقواعد وآداب معينة كثيرة ، لتحقيق النصر ، والعز ، ولأنه موقف حاسم حساس يحتاج لضوابط لها أهميتها في الموقف القتالي ، وآثارها في صفوف المقاتلين ، ومن المعلوم أن القرآن الكريم ليس كتابا دينيا فحسب ، وإنما هو دستور رصين متين في العقيدة والعبادة ، والأخلاق والأنظمة ، والسلم والحرب ، لذا اشتملت توجيهاته على وصايا حكيمة ، ومبادئ قويمة في الجهاد ، فقال الله تعالى :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٤٥) وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (٤٦) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بَطَراً وَرِئاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَاللهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (٤٧)) (١) (٢) [الأنفال : ٨ / ٤٥ / ٤٧].
هذه طائفة من الإرشادات والوصايا الإلهية تعدّ من ركائز قواعد القتال وأسسه الضرورية النابعة أصالة من وعاء الإيمان ، لذا افتتحت بخطاب المؤمنين المصدقين بالله ورسوله ، حتى وإن كانوا قلائل ضعفاء ، والإيمان يمنح القوة ويرفع المعنويات ، أما الكفر فشأن أهله الجبن وضعف المعنويات ، حتى وإن انتصروا أحيانا.
وسبب نزول الآيات فيما رواه الطبري عن محمد بن كعب القرظي قال : لما
__________________
(١) أي قوتكم أو دولتكم.
(٢) طغيانا وأشرا.