(الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً) أراد باللّيل سرّا صدقة عليّ رضي الله عنه ، وبالنّهار علانية صدقة عبد الرّحمن بن عوف رضي الله عنه).
وروي أيضا عن ابن عباس في هذه الآية (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ) : يعني في علف الخيل المرتبطة في سبيل الله. وكان أبو هريرة إذا مرّ بفرس سمين تلا هذه الآية ؛ فإذا مرّ بفرس أعجف سكت.
وعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنّه قال : [من ارتبط فرسا في سبيل الله وأنفق عليه احتسابا ؛ كان شبعه وجوعه وريّه وظمؤه وبوله وروثه في ميزانه يوم القيامة](١). وقال صلىاللهعليهوسلم : [المنفق في سبيل الله على فرسه كالباسط كفّيه بالصّرّة](٢).
قوله تعالى : (فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ) قال الأخفش وقطرب : (جعل الخبر بالفاء ؛ لأنّه في معنى (من) ، وجواب (من) بالفاء ؛ كأنّه قال : من أنفق كذا فله أجره عند ربه). وقوله تعالى : (وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) قد تقدّم تفسيره.
قوله تعالى : (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ ؛) معناه : (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا) في الدنيا (لا يَقُومُونَ) في الآخرة من قبورهم لعظم بطونهم ، (إِلَّا كَما يَقُومُ) في الدنيا الذي يضربه ويصيبه (الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ) أي من الجنون. روي أنّهم يبعثون يوم القيامة وقد انتفخت بطونهم كلّما قاموا سقطوا والناس يمشون عليهم وهم كالمجانين. قال الحسن : (هذه علامة أكل الرّبا ؛ يعرفون بها يوم القيامة).
قوله تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا) ؛ ومعناه : كان الرجل إذا حلّ ماله بعد الأجل طلبه ؛ فيقول المطلوب : زدني في الأجل وأزيدك
__________________
(١) عن أسماء بنت يزيد ؛ أخرجه الإمام أحمد في المسند : ج ٦ ص ٤٥٨ ، وفي إسناده شهر. وأخرجه الطبراني في الأوسط : الحديث (٤١١ و ١١٩٤) عن علي رضي الله عنه ، وفيه الحارث. ولهما أصل من حديث أبي هريرة ؛ أخرجه البخاري في الصحيح : كتاب الجهاد : الحديث (٣٨٥٣).
(٢) أخرجه الطبراني في الأوسط : الحديث (٣١١٢) عن أبي هريرة وفيه [كالباسط كفّه بالنّفقة لا يقبضها] ، وقال : «تفرد به عبد الرزاق». وأبو داود في السنن : كتاب اللباس : باب ما جاء في إسبال الإزار : شطر حديث طويل لأبي الدرداء : الرقم (٤٠٨٩).