وقرأ أبو جعفر ونافع وشيبة وعاصم وأبو عمرو بكسر النون وجزم العين ، ومثله في سورة النساء ، واختاره أبو عبيدة وذلك أنّها لغة النبيّ صلىاللهعليهوسلم حين قال لعمرو بن العاص : [نعم المال الصّالح للرّجل الصّالح](١).
وقرأ ابن عامر ويحيى بن وثاب والأعمش وحمزة والكسائي وخلف بفتح النون وكسر العين. وقرأ طلحة وابن كثير وورش وحفص ويعقوب وأيوب بكسر النون والعين. وهي لغات صحيحة.
قوله عزوجل : (وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) ؛ أي وإن تسرّوها وتعطوها الفقراء سرّا فهو خير لكم وأفضل من العلانية ، وكلاهما مقبول منكم إذا كانت النية صادقة ، ولكن صدقة السرّ أفضل ، قال صلىاللهعليهوسلم : [صدقة السّرّ تطفئ غضب الرّب ، وتطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النّار ، وتدفع سبعين بابا من البلاء](٢).
وقال صلىاللهعليهوسلم : [سبعة يظلّهم الله في ظلّه يوم لا ظلّ إلّا ظلّه : الإمام العادل ، وشابّ نشأ في عبادة الله عزوجل ، ورجل قلبه معلّق بالمسجد ، ورجلان تحابّا في الله ؛ فاجتمعا عليه وتفرّقا عليه ، ورجل دعته امرأة ذات حسن وجمال ؛ فقال : إنّي أخاف الله ، ورجل تصدّق بصدقة فأخفاها حتّى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله ، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه](٣).
قال أهل المعاني : هذه الآية في صدقة التطوع ، ولإجماع العلماء أنّ الزكاة المفروضة إعلانها أفضل كالصلاة المفروضة في الجماعة أفضل من إفرادها ، وكذلك
__________________
(١) رواه الإمام أحمد في المسند : ج ٤ ص ١٩٧. والطبراني في الأوسط : الحديث (٣٢١٣) ، وإسناده صحيح.
(٢) رواه الطبري من كلام قتادة : النص (٤٨٤٧) ، وكلام الربيع في النص (٤٨٤٩). وأخرج الطبراني شطره الأول عن ابن مسعود في المعجم الكبير : ج ١٩ ص ٣٥٩ : الحديث (١٠١٨) ، وفي الأوسط : الحديث (٩٤٨١). في مجمع الزوائد : ج ٣ ص ١١٥ ؛ قال الهيثمي : «رواه الطبراني في الكبير وإسناده حسن» وأراد رواية أبي أمامة.
(٣) رواه البخاري في الصحيح : كتاب الأذان : باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة : الحديث (٦٦٠).