قوله عزوجل : (وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ ؛) أي ما تصدّقتم به من صدقة أو أوجبتموه على أنفسكم من فعل برّ مثل صلاة أو صدقة أو صوم ، فإنّ الله لا يخفى عليه ذلك ويقبله ويجازي عليه.
ويقال : معنى (فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ) أي يحفظه ، وإنّما قال : (يَعْلَمُهُ) ولم يقل يعلمها ؛ لأنه ردّه إلى الآخر منهما كقوله تعالى : (وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً)(١). وإن شئت حملته على (ما) التي قبله كقوله تعالى : (وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ)(٢) ولم يقل : بهما.
قوله تعالى : (وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ) (٢٧٠) ؛ أي وما للواضعين النفقة والنّذر في غير موضعهما بالرّياء والمعصية ونحوهما (من) اعوان يدفعون عنهم العذاب. والأنصار : جمع نصير مثل جنيب وأجناب وشريف وأشراف.
قوله عزوجل : (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ؛) وذلك أنّهم قالوا : يا رسول الله ، من أفضل ؛ صدقة السّرّ أو صدقة العلانية؟ فأنزل الله هذه الآية (٣). ومعناها : إن تظهروا الصدقات وتعلنوها ؛ فنعمّا الشيء صدقة العلانية.
وأصل (فَنِعِمَّا هِيَ) : فنعما ما هي ؛ فوصلت وأدغمت. وكان الحسن يقرأ : (فنعما ما هي) مفصولة عن الأصل ؛ أي نعمت الخصلة. و (ما) في موضع الرفع و (هي) في محلّ النصب كما يقول : نعمّا الرجل رجلا ، فإذا عرّفت رفعت وقلت : نعم الرّجل زيد.
__________________
(١) النساء / ١١٢.
(٢) البقرة / ٢٣١.
(٣) في الدر المنثور : ج ٢ ص ٧٨ ؛ قال السيوطي : «أخرج أحمد والطبراني في الترغيب عن أبي أمامة : أنّ أبا ذرّ قال : يا رسول الله ما الصّدقة؟ قال : [أضعاف مضاعفة وعند الله أزيد] ثمّ قرأ : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً). قيل : يا رسول الله أيّ الصّدقة أفضل؟ قال : [سرّ إلى فقير ، أو جهد من مقلّ] ثمّ قرأ إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ.